الشّيء ، فاستقلته فضّة ، وتلت : (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) (١) فزادوه.
وسأل الرّجل الشّباب الأربعة عن عادة أمّهم هذه؟
فقالوا : هذه فضّة جارية الزّهراء ، وما تكلمت إلّا بالقرآن منذ (٢٠) عاما (٢).
بقيت زينب مع أمّها ست سنوات ، ويقول علماء النّفس التّربوي : أنّ الطّفل بعد أن يتم الثّالثة تبدأ مرحلة التّوافق بينه وبين بيئته ، والتّميّيز بين الألفاظ والمعاني ، وأنموّه العقلي في هذه السّن يتّجه بصاحبه إلى كشف ما يحيط به ممّا يرى ويسمع ، وأنّ هذا الكشف يترك آثارا تعمل عملها في نفس الطّفل إلى آخر يوم في حياته .. وكانت زينب ترى ـ في هذه المرحلة ـ أمّها فاطمة تقوم للصّلاة ، حتّى تتورم قدماها ، وتبيت على الطّوى هي وصغارها ، وتطعم الطّعام (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) (٣) ، وتلبس الثّياب الخلقه ، وتكسوا الفقراء جديد الملابس (٤).
رآها سلمان الفارسي (٥) مرّة ، فبكى ، وقال : «أنّ قيصر وكسرى في السّندس
__________________
(١) البقرة : ٢٦١.
(٢) انظر ، بحار الأنوار : ١٠ / ٢٦. (منه قدسسره). و : ٤٣ / ٨٦ ح ٨ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ١٢١.
(٣) الإنسان : ٨.
(٤) انظر ، درّر السّمط في خبر السّبط : ٦١ ، شواهد التّنزيل : ٢ / ٣٣٢ و ٤٠٣ ، أسباب نزول الآيات ، الواحدي : ٢٩٦ ، زاد المسير : ١ / ٣٢١ ، الدّر المنثور : ٦ / ٣٩٩.
(٥) هو من نسل الملوك ، وجدّ آبائه «منوجهر» مؤسّس الدّولة الثّانية من دول الفرس القديمة ، ولكنّ سلمان يرفض الانتساب لغير الإسلام ، وكان يقول : أنا ابن الإسلام ، أعتقني الله بمحمّد ، ورفعني بمحمّد ، وأغناني بمحمّد ، وصلّى الله على محمّد وآل محمّد ، فهذا حسبي ونسبي. هو منوجهر بن محمّد بن تركانشاه ، أبو الفضل بن أبي الوفاء. انظر مختصر ابن الدّبيثي : ٣٥٠ ، العبر : ٤ / ٢٢٦ ، بغية ـ