السّؤال ليعلمه إلى أي حدّ بلغ منع اللّؤم ، والضّعة ، والجرأة على الله والرّسول ... وأجاب شمر بما أجاب مستخفّا بالله ونبّيه وبجميع الأخلاق والقيم.
وقد يسأل سائل : كيف تجرأ الشّمر وأقدم على ما أقدم عليه؟!. كيف بلغت القسوة منه هذا المبلغ؟!. هل هو من البشر ، أو من طبيعة أخرى؟!.
الجواب :
إنّ الشّمر فرد من النّاس لا يختلف عنهم في لحمه ودمه ، ولا في طبيعته وفطرته الّتي خلق عليها أوّل ما خلق ـ ولا في شيء إلّا إنّه مارس الذّنوب ، واعتادها ، وتمادى فيها ، واستهان بمعصية الله ، حتّى أصبحت عنده كشرب الماء ، ومن كانت هذه حاله قسا قلبه ، وعميت بصيرته ، ولم يعد يبالي بشيء مهما كان ويكون .. قال أمير المؤمنين : «ما قست القلوب إلّا لكثرة الذّنوب» (١). وقال تعالى : (بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ)(٢).
وهكذا كلّ من تمادى في غيّه ، واستخفّ بدينه ، ولم يخش حسابا ولا عقابا ، يجوز عليه أن يقدم على ما أقدم الشّمر ، قال الإمام الصّادق : «إذا أذنب الرّجل خرج من قلبه نكتة سوداء ، فإن تاب زالت ، وإن زاد ازدادت ، حتّى تغلب على قلبه ، فلا يصلح بعدها أبدا» (٣).
المرتزقة :
خطب الحسين في جيش ابن سعد مرّتين ، وممّا قاله في الخطبة الأولى :
__________________
(١) انظر ، علل الشّرائع : ٨١ ، وسائل الشّعة : ١٦ / ٤٥ ح ٥ ، روضة الواعظين : ٤٢٠.
(٢) المطفّفين : ١٤.
(٣) انظر ، الكافي : ٢ / ٢٧١ ح ١٣ ، وسائل الشّيعة : ١٥ / ٣٠٢ ح ١٢ ، رسائل الشّهيد الثّاني : ١٠٥.