ثأر الله
بقلم : أمير اسكندر
منذ ثلاثة عشر قرنا ، خرج الحسين من أرض الحجاز متوجّها صوب العراق ، ملبيّا نداء أهلها ، كي يعلي كلمة الله الحقيقية ، كلمة الحقّ ، والعدل ، والحرّيّة. وكان خروجه حينذاك ، نذيرا بالنّهاية لكلّ قوى الشّر ، والبغي ، والظّلمة ، فتربصت به ، وتحفّزت له كي تخنق شعاع الضّوء الوليد ، وتحاصر كلمة الحقّ في الصّحراء تموت من الظّمأ قبل أن تبلغ أهلها ...
رحلة عذاب طويلة ومجيدة ، ما كان يقوى عليها سوى أصحاب الرّسالات وحدهم ... ناضل فيها الحسين بالكلمة والسّيف معا ، رفض السّلام الخانع وارتفع فوق السّلامة الشّخصيّة الذّليلة ، وظل حتّى آخر نبضة في جسده قوي الرّوح ، صامد الإرادة ، مرفوع الرّأس دائما ، حتّى تمكّنت منه قوى الظّلام والطّغيان فقتلته وفصلت رأسه عن جسده ، وحسبت أنّها بجريمتها قد اطمأنّت ، وأنّ الأرض من تحت أقدامها قد استقرّت. ولكنّها أدركت بعد فوات الأوان أنّها لم تستطع أن تبلغ من أمرها شيئا ، فلا السّلطان دام ولا دعوة الحقّ زالت. قتل الحسين ، ولكن كلمته غدت رسالة. قطع رأسه ولكنّه بات رمزا للشّهادة. تضرّج دمه ولكنّه أمسى في عصره ، وفي كلّ العصور ، نداء يصرخ في المؤمنين