محسنون ، وبحسب ذلك كان نظر له على الحقيقة ، كقوله تعالى (١) : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً).
الآية الثامنة ـ قوله تعالى (٢) : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ).
العهد على قسمين :
أحدهما فيه الكفّارة ، والآخر لا كفّارة فيه ، فأما الذي فيه الكفّارة فهو الذي يقصد به اليمين على الامتناع عن الشيء أو الإقدام عليه.
وأما العهد الثاني فهو العقد الذي يرتبط به المتعاقدان على وجه يجوز في الشريعة ويلزم في الحكم ، إما على الخصوص بينهما ، وإما على العموم على الخلق ، فهذا لا يجوز حلّه ، ولا يحلّ نقضه ، ولا تدخله كفّارة ، وهو الذي يحشر ناكثه غادرا (٣) ، ينصب له لواء بقدر غدرته ، يقال : هذه غدرة فلان.
وأما مالك فيقول : العهد باليمين ، لم يجز حلّه لأجل العقد (٤) وهو المراد بقوله تعالى(٥) : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها ، وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً). وهذا ما لا اختلاف فيه.
الآية التاسعة ـ قوله تعالى (٦) : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ).
اتفقت الأمة على أن السجود لآدم لم يكن سجود عبادة ، وإنما كان على أحد وجهين : إما سلام الأعاجم بالتكفّى والانحناء والتعظيم ، وإما وضعه قبلة كالسجود للكعبة وبيت المقدس ، وهو الأقوى ؛ لقوله في الآية الأخرى (٧) : (فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ). ولم يكن على معنى التعظيم ؛ وإنما صدر على وجه الإلزام للعبادة واتخاذه قبلة ، وقد نسخ الله تعالى جميع ذلك في هذه الملة.
الآية العاشرة ـ قوله تعالى (٨) : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ).
فيها مسألتان :
__________________
(١) سورة الفرقان ، آية ٢٤
(٢) الآية السابعة والعشرون.
(٣) نكث العهد : نقضه.
(٤) في م : وذلك هذا العهد باليمن لم يجز حده.
(٥) سورة النحل ، آية ٩١
(٦) الآية الرابعة والثلاثون.
(٧) سورة الحجر ، آية ٢٩
(٨) الآية الخامسة والثلاثون.