سورة الفاتحة فيها
خمس آيات
الآية الأولى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
اتفق الناس على أنها آية من كتاب الله تعالى في سورة النمل (١) ، واختلفوا في كونها في أول كلّ سورة ، فقال مالك وأبو حنيفة : ليست في أوائل السّور بآية ، وإنما هي استفتاح ليعلم بها مبتدؤها.
وقال الشافعى : هي آية في أول الفاتحة ، قولا واحدا ؛ وهل تكون آية في أول كلّ سورة؟ اختلف قوله في ذلك ؛ فأما القدر الذي يتعلّق بالخلاف من قسم التوحيد والنظر في القرآن وطريق إثباته قرآنا ، ووجه اختلف المسلمين في هذه الآية منه ـ فقد استوفيناه في كتب الأصول ، وأشرنا إلى بيانه في مسائل الخلاف ، ووددنا أنّ الشافعى لم يتكلّم في هذه المسألة ، فكلّ مسألة له ففيها إشكال عظيم ، ونرجو أنّ الناظر في كلامنا فيها سيمحى (٢) عن قلبه ما عسى أن يكون قد سدل من إشكال به.
وفائدة الخلاف في ذلك الذي يتعلق بالأحكام أنّ قراءة الفاتحة شرط في صحة الصلاة عندنا وعند الشافعى ، خلافا لأبى حنيفة حيث يقول : إنها مستحبّة ، فتدخل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) في الوجوب عند من يراه ، أو في الاستحباب ، [كذلك] (٣). ويكفيك أنها ليست (٤) بقرآن للاختلاف فيها ، والقرآن لا يختلف فيه ، فإنّ إنكار القرآن كفر.
__________________
(١) أى في قوله تعالى : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.) وفي ص : لا خلاف في أنها ليست بآية تامة في سورة النمل ، وأنها هناك بعض آية ، وأن ابتداء الآية من قوله تعالى : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ) ، ومع ذلك فكونها ليست آية تامة في سورة النمل لا يمنع أن تكون آية في غيرها لوجود مثلها في القرآن.
(٢) في م : سيمسح.
(٣) ليس في م.
(٤) في القرطبي : ليست من القرآن اختلاف الناس فيها.