على الولد خاصة ، وقد بينّا ذلك في مسألة العقب من الأحكام. وفي سورة الأنعام. والله أعلم.
الآية السادسة ـ قوله تعالى (١) (وَسَيِّداً وَحَصُوراً).
اختلف العلماء في ذلك على قولين :
أحدهما ـ أنّ الحصور هو العنّين وهم الأكثر ، ومنهم ابن عباس.
ومنهم من قال : هو الذي يكفّ عن النساء ولا يأتيهنّ مع القدرة ، منهم سعيد بن المسيّب ؛ وهو الأصح لوجهين :
أحدهما ـ أنه مدح وثناء عليه ، والمدح والثناء إنما يكون على الفضل المكتسب دون الجبلّة في الغالب.
الثاني ـ أن حصورا فعولا ؛ وبناء فعول في اللغة من صيغ الفاعلين.
قال علماؤنا : الحصور : البخيل ، والهيوب الذي يحجم عن الشيء ؛ والكاتم السر ؛ وهذا بناء فاعل. والحصور عندهم : الناقة التي لا يخرج لبنها من ضيق إحليلها (٢).
وهذا فيه نظر ، وقد جاء فعول بمعنى مفعل ، تقول : رسول بمعنى مرسل ، ولكن الغالب ما تقدم.
وإذا ثبت هذا فيحيى كان كافّا عن النساء عن قدرة في شرعه ، فأما شرعنا فالنكاح. روى أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عثمان بن مظعون عن التبتّل ، قال الراوي : ولو أذن له لاختصينا ، ولهذا بالغ قوم فقالوا : النكاح واجب ، وقصّر آخرون فقالوا مباح ، وتوسّط علماؤنا فقالوا : مندوب.
والصحيح أنه يختلف باختلاف حال النكاح والزمان ، وقد بينا ذلك في سورة النساء ، وسترونه إن شاء الله.
الآية السابعة ـ قوله تعالى (٣) : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في كيفية فعلهم :
__________________
(١) الآية التاسعة والثلاثون.
(٢) في القرطبي : وناقة حصور : ضيقة الإحليل.
(٣) الآية الرابعة والأربعون.