أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ) : فأراد ألّا يؤتمنوا على نقل شيء من التوراة والإنجيل.
قال القاضي : والصحيح عندي أنها في المال نصّ ، وفي الدين سنّة ؛ فأفادت المعنيين بهذين الوجهين.
المسألة الرابعة ـ في قوله تعالى : (مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ).
هذا يدلّ على أن أداء الأمانة في الدينار بالنص أو بالسنة أو بالقياس ، وقد بيناه في أصول الفقه.
والصحيح أنه قياس جلىّ ، وهو أعلى مراتبه ، وهناك تجدونه.
المسألة الخامسة ـ قوله تعالى : (إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً).
تعلّق به أبو حنيفة في ملازمة الغريم للمفلس ؛ وأباه سائر العلماء ؛ ولا حجّة لأبى حنيفة فيه ؛ لأن ملازمة الغريم المحكوم بعدمه لا فائدة فيها ؛ إذ لا يرجى ما عنده. وقد بيناه في مسائل الخلاف هناك.
وقد قال جماعة من الناس : إن معنى (لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) أى حافظا بالشهادة ، فلينظر هنالك.
المسألة السادسة ـ أقسام هذه الحال ثلاثة :
قسم يؤدّى ، وقسم لا يؤدّى إلا ما دمت عليه قائما ، وقسم لا يؤدّى وإن دمت عليه قائما ، إلا أنّ الله سبحانه ذكر القسمين ، لأنه الغالب المعتاد ، والثالث نادر ؛ فخرج الكلام على الغالب.
المسألة السابعة ـ قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ).
المعنى فعلوا ذلك لاعتقادهم أنّ ظلمهم لأهل الإسلام جائز ، تقدير كلامهم ليس علينا في ظلم الأمّيين سبيل ؛ أى إثم. وقولهم هذا كذب صادر عن اعتقاد باطل مركب على كفر ، فإنهم أخبروا عن التوراة بما ليس فيها ، وذلك قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
المسألة الثامنة ـ الأمانة عظيمة القدر في الدين ، ومن عظيم قدرها أنها تقف على جنبتي