سورة النّساء
فيها إحدى وستون آية
الآية الأولى ـ قوله تعالى (١) : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ).
المعنى اتقوا الله أن تعصوه ، واتّقوا الأرحام أن تقطعوها.
ومن قرأ والأرحام فقد أكّدها حتى قرنها بنفسه.
وقد اتفقت الملة أنّ صلة ذوى الأرحام واجبة وأنّ قطيعتها محرّمة ، وثبت أنّ أسماء بنت أبى بكر قالت : إنّ أمى قدمت علىّ راغبة وهي مشركة أفأصلها؟ قال : نعم ، صلى أمّك.
فلتأكيدها دخل الفضل في صلة الرحم الكافرة ، فانتهى الحال بأبى حنيفة وأصحابه إلى أن يقولوا : إنّ ذوى الأرحام يتوارثون ، ويعتقون على من اشتراهم من ذوى رحمهم ، لحرمة الرحم وتأكيدا للبعضية ، وعضد ذلك [١٠٧] بما رواه أبو هريرة وغيره أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلّم قال (٢) : من ملك ذا رحم محرّم فهو حرّ.
قال علماؤنا : وما بينهم من تعصبة وما يجب للرحم عليهم من صلة معلوم عقلا مؤكّد شرعا ، لكن قضاء الميراث قد أحكمته السنّة والشريعة ، وبيّنت أعيان الوارثين ، ولو كان لهم في الميراث حظّ لفصّل لهم ، أما الحكم بالعتق فقد نقضوه ، فإنهم لم يعلقوه بالرحم المطلقة حسبما قضى ظاهر القرآن ، وإنما أناطوه برحم المحرمية ؛ وذلك خروج عن ظاهر القرآن وتعلّق بإشارة الحديث.
وقد تكلمنا على ذلك في مسائل الخلاف بما نكتته أنه عموم خصّصناه في الآباء والأولاد والإخوة على أحد القولين ، بدليل المعنى المقرر هنالك.
الآية الثانية ـ قوله تعالى (٣) : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً).
__________________
(١) من الآية الأولى من السورة.
(٢) ابن ماجة : ٢٥٢٤ ، ٢٥٢٥
(٣) الآية الثانية.