وكلّ حديث يروى في التحريم أو آية تتلى فيه فإنه باطل سندا ، باطل معتقدا ، خبرا وتأويلا ، وقد ثبت أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم رخّص في الغناء في العيدين (١) ، وفي البكاء على الميت من غير نوح من حديث ثابت بن وديعة.
الآية الرابعة ـ قوله سبحانه وتعالى (٢) : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً ، قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ).
وهي دليل على أن التحريم والتحليل لا يكونان عقلا ولا تشهّيا (٣) ، وإنما المحرّم والمحلل هو الله حسبما تقدم في سورة الأنعام في مثل هذه الآية.
الآية الخامسة ـ قوله تعالى (٤) : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في تفسيرها قولان :
أحدهما ـ أنها بشرى الله لعباده بما أخبرهم به من وعده الكريم ، في قوله (٥) : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ). (وَبَشِّرِ (٦) الَّذِينَ آمَنُوا). وقوله (٧) : (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ). ونظائره.
الثاني ـ ما روى ابن القاسم وغيره ، عن مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه في هذه الآية ـ قال : هي الرؤيا الصالحة ، يراها الرجل الصالح أو ترى له. قال رجل من أهل مصر : سألت أبا الدرداء عن قوله سبحانه : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) فقال : ما سألنى عنها أحد منذ سألت رسول الله عنها ، سألت رسول الله عنها ، فقال : ما سألنى أجد عنها غيرك منذ أنزلت ، فهي الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم أو ترى له.
وروى عن أبى هريرة وابن عمر وطلحة ، ولم يصح منها طريق ولكنها حسان.
المسألة الثانية ـ والذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الباب : الرؤيا الصالحة يراها
__________________
(١) في ل : في العرس.
(٢) آية ٥٩.
(٣) في ا : تشبيها.
(٤) آية ٦٤.
(٥) سورة البقرة ، آية ٢٣.
(٦) آية ٢٥ من سورة البقرة.
(٧) سورة البقرة ، آية ٢١.