قال الطبري : والدليل عليه إجماع الجميع على أنّ أحد الطرفين الصبح ، فدلّ على أن الطرف الآخر المغرب ، ولم يجمع معه على ذلك أحد ، وإن قول من يقول : إنها الصبح والعصر أنجب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (١) : من صلّى البردين دخل الجنة. وقد قرنها [بها] (٢) في الآية الثالثة والرابعة.
المسألة الخامسة ـ قال شيوخ الصوفية : إن المراد بهذه الآية استغراق الأوقات بالعبادات نفلا وفرضا. وهذا ضعيف ، فإن الأمر لم يتناول ذلك لا واجبا فإنها خمس صلوات ، ولا نفلا فإن الأوراد معلومة ، وأوقات النوافل المرغّب فيها محصورة ، وما سواها من الأوقات يسترسل (٣) عليه الندب على البدل لا على العموم ، فليس ذلك في قوة بشر.
وقد روى ابن وهب عن مالك في هذه الآية أنها الصلاة المكتوبة.
وقد روى مالك عن هشام ، عن (٤) عروة ، عن أبيه ، عن عثمان بن عفان ـ أنه جلس على المقاعد فجاءه المؤذّن ، فأذّن بصلاة العصر ، فدعا بماء فتوضأ ، ثم قال : والله لأحدثنكم حديثا (٥) لو لا آية في كتاب الله ما حدثتكموه ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :؟؟؟؟؟؟؟ يتوضأ فيحسن وضوء (٦) ، ثم يصلّى الصلاة إلّا غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها. قال عروة : أراه يريد هذه الآية (٧) : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا ...) الآية.
وقال مالك : أراه يريد هذه الآية (٨) : (أَقِمِ الصَّلاةَ ...) الآية.
فعلى قول عروة يعنى عثمان لو لا أنّ الله حرم علىّ كتمان العلم لما ذكرته. وعلى قول مالك [يعنى عثمان] (٩) : لو لا أنّ معنى ما أذكره لكم مذكور في كتاب الله ما ذكرته لئلا تتّهمونى.
المسألة السادسة ـ قوله : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ).
قال ابن المسيب ، ومجاهد ، وعطاء : هي الباقيات الصالحات ، سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر.
__________________
(١) صحيح مسلم : ٤٤٠.
(٢) من م.
(٣) في م : مسترسل عليها.
(٤) في ا : بن.
(٥) في م : بحديث.
(٦) في م : الوضوء.
(٧) سورة البقرة ، آية ١٥٩.
(٨) سورة الإسراء ، آية ٧٨.
(٩) من م.