المسألة الخامسة ـ قوله صلى الله عليه وسلم : «ملوكا على الأسرّة».
فيه قولان :
أحدهما ـ يركبون ظهره على الفلك ركوب الملوك الأسرة على الأرض.
الثاني ـ يركبون الفلك لسعة الحال والملك كأنّهم أهل الملك.
ويعارض هذا قوله تعالى (١) : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ). فإن النبىّ صلى الله عليه وسلم وصف هؤلاء بالملك (٢) ووصف الله هؤلاء بالمسكنة.
ومن هذه المعارضة فرّ قوم فقالوا : إنّ القراءة فيها : أما السفينة فكانت لمسّاكين ـ بتشديد السين.
وقال قوم : إنما وصفهم بالمسكنة لما هم عليه من عدم الحول والقوّة في البحر وضعف الحيلة فيه أيضا ، فإن من أراد أن يعلم أنّ الحول والقوة لله عيانا فليركب البحر.
وحقيقة المعنى فيه أنّ مسكنتهم كانت لوجهين :
أحدهما ـ لدخولهم البحر.
والثاني ـ أنه (٣) لم يكن لهم مال ولا ملك إلا السفينة ، وهم لا يركبون البحر بالعدد والعدّة ، والعزم والشدّة ، يقصدون الغلبة ، وهذه حالة للملك (٤).
وقد روى أنّ عمر كان يتوقّف في ركوب البحر للمسلمين ، لما كان يتوهّم فيه من الغرر ، إذ لم يره إلا لضرورة كما ركبه المهاجرون إلى الحبشة للضرورة أولا وآخرا ، أما الأوّل ففي الفرار من نكاية المشركين ، وأما الآخر فلنصر النبىّ صلى الله عليه وسلم والكون معه.
المسألة السادسة ـ إذا حصل المرء في ارتجاج البحر وغلبته وعصفه وتعابس أمواجه فاختلف العلماء في حكمه ، وقد تقدم شرحه في سورة الأعراف.
الآية الثانية ـ قوله تعالى (٥) : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
__________________
(١) سورة الكهف ، آية ٨٠.
(٢) في ل : بالملوك ، وم مثل ا.
(٣) في ل ، م : أنهم.
(٤) في ل : المملكة.
(٥) آية ١٠.