المسألة الثانية ـ كيف رضى يوسف أن ينسب إليهم السرقة ولم يفعلوها؟
قيل : عنه ثلاثة أجوبة :
أحدها ـ أنّ القوم كانوا سرقوه من أبيه وباعوه ، فاستحقوا هذا الاسم بذلك الفعل.
الثاني ـ أنه أراد أيتها العير حالكم حال السرّاق. المعنى إن شيئا لغيركم صار عندكم من غير رضا الملك (١) ولا علمه.
الثالث ـ وهو التحقيق أنّ هذا كان حيلة لاجتماع شمله بأخيه وفصله عنهم إليه ، وهو ضرر دفعه بأقلّ منه.
فإن قيل ـ وهي :
المسألة الثالثة ـ فكيف استجاز (٢) يوسف الحيلولة بين أخيه وأبيه فيزيده حزنا على حزن وكربا على كرب.
قلنا : إذا استوى الكرب جاء الفرج.
جواب آخر ـ وذلك أنه كان بإذن من الله فلا اعتراض فيه.
جواب ثالث ـ وذلك أنّ الحزن كان قد غلب (٣) على يعقوب غلبة لا يؤثر فيها فقد أخيه كل التأثير ، أو لا تراه لمّا فقد (٤) أخاه قال : يا أسفى على يوسف.
الآية السابعة عشرة ـ قوله تعالى (٥) : (قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ).
فيها ست مسائل :
المسألة الأولى ـ قال علماؤنا : هذا نصّ في جواز الكفالة (٦). وقد قال القاضي أبو إسحاق : ليس هذا من باب الكفالة ، فإنها ليس فيها كفالة إنسان عن إنسان ، وإنما هو رجل التزم عن نفسه ، وضمن عنها ، وذلك جائز لغة لازم شرعا ، قال الشاعر :
فلست بآمر فيها بسلم |
|
ولكني على نفسي زعيم |
__________________
(١) في م : المالك.
(٢) في م : كيف جاز ليوسف.
(٣) في ا : قد غلب يعقوب عليه لا يؤثّر فيه. والمثبت من م.
(٤) في م : فقده.
(٥) آية ٧٢.
(٦) في هامش م : «مسائل الكفالة».