وقال أصحاب الشافعى : هذه الآية دليل على جواز الجعل ، وهي شرع من قبلنا ، وليس لهم فيه تعلق (١) في مذهب.
وقال أصحاب الشافعى : إنّ معرفة المضمون عنه والمضمون له فيه ثلاثة أقوال :
أحدها ـ أنه لا بدّ من معرفتهما ، أمّا معرفة المضمون عنه فليعلم. هل هو أهل للإحسان أم لا؟ وأمّا معرفة المضمون له فليعلم هل يصلح للمعاملة أم لا؟
الثاني ـ أنه افتقر إلى معرفة المضمون خاصة ، لأن المعاملة معه خاصة.
الثالث ـ أنه لا يفتقر إلى معرفة واحد منهما ، وهو الصحيح ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبى قتادة أنه ضمن عن الميت ولم يسأله النبىّ عن المضمون له ولا عن المضمون عنه. والآية نصّ في جهالة المضمون له ، وحمل جهالة المضمون عنه عليه أخفّ. والله أعلم.
الآية الثامنة عشرة ـ قوله تعالى (٢) : (قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ. قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ. فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ).
فيها ست مسائل :
المسألة الأولى ـ لما قال إخوة يوسف (٣) : (تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ) قال أصحاب يوسف : (فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ)؟ فقال (٤) إخوة يوسف : (جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ).
قال الطبري : المعنى جزاؤه من وجد في رحله ، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، التقدير جزاؤه استعباد من وجد في رحله ، أو أخذه واسترقاقه ، أو ما أشبه ذلك.
__________________
(١) في م : وليس لهم متعلق.
(٢) آية ٧٤ ، ٧٥ ، ٧٦.
(٣) آية ٧٣.
(٤) في ا : قال.