أولاده عطاشى ، فاسقوهم من الماء الظمأ قلوبهم وهو مع ذلك يقول : دعونى أذهب الى الروم أو الهند وأخلو لكم الحجاز والعراق فأثر كلامه فى نفوس القوم حتّى بكى بعضهم ولكن الشمر صاح بأعلى صوته ، يا ابن أبى تراب لو كان وجه الارض كلّه ماء وهو تحت أيدينا لما سقيناكم منه قطرة الّا أن تدخلوا فى بيعة يزيد.
فرجع الى أخيه يخبره فسمع الاطفال يتصارخون من العطش ، فلم تتطأ من نفسه على هذا الحال وثارت به الحمية الهاشمية ، ثمّ انّه ركب جواده وأخذ القربة فأحاط به أربعة آلاف ورموه بالنبال فلم ترعه كثرتهم وأخذ يطرد أولئك الجماهير وحده ولواء الحمد يرف على رأسه ولم يشعر القوم أهو العباس يجدل الأبطال أم أن الوصى يزار فى الميدان فلم تثبت له الرجال ونزل الى الفرات مطمئنّا غير مبال بذلك الجمع ، ولما اغترف من الماء ليشرب تذكّر عطش الحسين ومن معه فرمى الماء وقال :
يا نفس من بعد الحسين هونى |
|
وبعده لا كنت أن تكونى |
هذا الحسين وارد المنون |
|
وتشربين بارد المعين |
تالله ما هذا فعال دينى |
ثمّ ملأ القربة وركب جواده وتوجه نحو المخيم فقطع عليه الطريق وجعل يضرب حتّى أكثر القتل فيهم وكشفهم عن الطريق وهو يقول :
لا أرهب الموت إذا الموت زقا |
|
حتّى أوارى فى المصاليت لقى |
نفسى لنفس المصطفى الطهر وقا |
|
إنّى أنا العبّاس أغد بالسقا |
ولا أخاف الشرّ يوم الملتقى |
فكمن له زيد بن الرقاد الجهنى من وراء نخلة وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسى فضربه على يمينه فبراها فقال عليهالسلام :