جلست ناحية من القصر وحفّت بها إماؤها ، فقال ابن زياد : من هذا الّتي انحازت ومعها نساؤها؟ فلم تجبه زينب فأعادها ثانية وثالثة فقال له بعض إماؤها : هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله ، فأقبل عليها ابن زياد وقال : الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم.
فقالت زينب : الحمد لله الذي أكرمنا بنبيّه محمّد عليهالسلام وطهّرنا من الرجس تطهيرا ، إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر ، وهو غيرنا فقال ابن زياد : كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟ قالت : كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم يوم القيامة فتحاجّون إليه وتختصمون عنده ، فغضب ابن زياد ، واستشاط فقال عمرو بن حريث : إنّها امرأة والمرأة لا تؤخذ بشيء من منطقها ، فقال لها ابن زياد : لقد شفى الله نفسى من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك ، فرقّت زينب وبكت وقالت :
لعمرى لقد قتلت كهلى وأبرت أهلى ، وقطعت فرعى فإن يشفيك هذا فقد اشتفيت ، فقال ابن زياد : هذه سجّاعة ولعمرى لقد كان أبوها سجّاعا ، فقالت : ما للمرأة والسّجاعة وإن لى عن السجاعة لشغلا ولكن صدرى نفثت بما قلت. وعرض عليه علىّ بن الحسين عليهماالسلام فقال له : من أنت؟ قال : أنا علىّ بن الحسين قال : أليس قد قتل الله علىّ بن الحسين؟ فقال : كان لى أخ يسمّى عليّا فقتله النّاس ، قال ابن زياد : بل قتله الله ، فقال علىّ بن الحسين عليهماالسلام : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها).
فغضب ابن زياد وقال : لك جرأة على جوابى وفيك بقيّة للرّدّ علىّ اذهبوا واضربوا عنقه ، فتعلّقت به زينب عمّته فقالت : يا ابن زياد حسبك من دمائنا واعتنقته وقالت : والله لا أفارقه فإن قتلته فاقتلنى معه ، فنظر ابن زياد إليها ساعة وقال : عجبا للرّحم والله لأظنّها ودّت انّى قتلتها معه ، دعوه فإنّى أراه لما به مشغول ،