المقدمة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
بعد ليل دامس طويل من الجهالة والظلام ، انشقّ الوجود عن فجر صادق مبين ، وصبح أبلج منير ، يؤذن بولادة خير البرية والأنام ، حاملا مبادئ الحرية والعدالة والإسلام.
وظل الفجر الجديد يطارد ذيول الليل المنحسر ، حتّى شعشع نوره الأرجاء ، وملأ بلألائه آفاق الأرض والسماء.
وما أن أفلت شمس ذلك اليوم البشير ، حتّى أشرق القمر المنير ، تحفّه النجوم المتلألئة كالأزاهير. ولم يطل الأمر حتّى بدأت بقايا الليل المختبئة في الكهوف والأخاديد ، تلملم بعضها بعضا من جديد ، وتشحن الفضاء بظلامها المديد. إلى أن طوّقت البدر بسوادها ، ولفّعت القمر ببرقعها ، معلنة مقتل الإمام أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليهالسلام.
وحزنت النجوم الزهر على المصاب الكبير ، وانقضّ أحدها ليأخذ بثأرها المستطير ، فاغتاله الظلام وواراه عن الأنظار ، بين غدر الغادرين وخذلان المترددين. فإذا قد قضى نجل المرتضى وفاطمة الزهرا ، وسبط النبي المصطفى ، الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام.
وفي غضبة النور على الظلام ، توقّد نجم في الجوزاء ، حتّى غدا كوكبا درّيّا يفيض بالضياء ، فجازت أشعته الهادية كل قلب من الأحياء ، وتنوّرت منه الدّنيا بالضوء والسناء. وما زال متّقدا في أعالي السماء ، حتّى كوّرت شعلته الحمراء ، وبدأت غرّته تقطر بالدماء ، لتسقي الحجر الأصم في الصحراء ، وتنبت في القفر أزهار الولاء والفداء. إنه الإمام الحسين عليهالسلام سيد الشهداء.
ويمتزج الألم بالدموع ، والحزن بالخشوع ، والدم يكتب الخلود بالنجيع ، ويعيد كل فصل من فصول التاريخ إلى ربيع .. هناك حيث انتصر الدم على السيف ،