ولدي الحسين بن فاطمة عليهالسلام. فقيل : من يقتله يا رسول الله؟ فقال : رجل يقال له يزيد ، لا بارك الله في نفسه. وكأني أنظر إليه وإلى مصرعه ومدفنه ، وكأني أنظر إلى السبايا على أقتاب المطايا ، ويهدى رأسه إلى يزيد.
ثم صعد المنبر مغموما مهموما ، حزينا كئيبا باكيا ، وأصعد معه الحسن والحسينعليهماالسلام ، ووضع يده اليمنى على رأس الحسن عليهالسلام واليسرى على رأس الحسين عليهالسلام وقال : «اللهم إن محمدا عبدك ورسولك ، وهذان أطائب عترتي وخيار أرومتي وأفضل ذريتي ومن أخلفهما في أمتي ، وقد أخبرني جبرئيل أن ولدي هذا مخذول مقتول بالسم ، والآخر شهيد مضرج بالدم. اللهم فبارك له في قتله واجعله من سادات الشهداء. اللهم ولا تبارك في قاتله وخاذله ، وأصله حرّ نارك ، واحشره في أسفل درك الجحيم». قال : فضج الناس بالبكاء والعويل فقال لهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أتبكون ولا تنصرونه؟ اللهم فكن أنت له وليا وناصرا».
وقال ابن عباس : خرج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل موته بأيام يسيرة إلى سفر له ثم رجعصلىاللهعليهوآلهوسلم وهو متغير اللون محمر الوجه فخطب خطبة أخرى موجزة وعيناه تهملان دموعا (١). ثم قال : «يا قوم إني مخلف فيكم الثّقلين : كتاب الله ، وعترتي وأرومتي ومزاج مائي وثمرة فؤادي ومهجتي ، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. ألا وإنني لا أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي (أسئلكم عن الموؤدة في القربى) واحذروا أن تلقوني على الحوض غدا وقد آذيتم عترتي وقتلتم أهل بيتي وظلمتموهم».
والآن نذكر ما ورد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بنحو التواتر ، في إخباره عن شهادة الحسينعليهالسلام بكربلاء وبكائه عليه قبل وقوع الحادثة. نبدأ بروايات أمير المؤمنين عليهالسلام.
١٩١ ـ مرور أمير المؤمنين عليهالسلام على كربلاء :
(تاريخ ابن عساكر ، الجزء الخاص بالحسين عليهالسلام ص ٩١٦٥
عن عبد الله بن نجيّ عن أبيه ، أنه سافر مع علي بن أبي طالب عليهالسلام وكان صاحب مطهرته ، فلما حاذوا نينوى ، وهو منطلق إلى صفين ، نادى علي عليهالسلام : صبرا أبا عبد الله ، صبرا أبا عبد الله بشط الفرات. قلت : من ذا أبو عبد الله؟ قال : دخلت على رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وعيناه تفيضان. فقلت : يا نبي الله أغضبك أحد؟ ما
__________________
(١) اللهوف على قتلى الطفوف ، ص ١١ وذكر هذا الكلام وعمر الحسين عليهالسلام سنتان.