تلك الأحوال يضع الحسين الطفل في حضنه ، ويبكي بكاء شديدا ، ويقبّله من فمه ونحره ، ويشمّه ويضمه إلى صدره ، فكانت تلك المشاهد أول المآتم المقامة على الحسين عليهالسلام في حياته وقبل مماته. وعلى هذا الهدي المحمدي سار شيعة الحسين عليهالسلام من بعده ، يقيمون المآتم والعزاء عليه ، بعد موته واستشهاده ، اقتداء بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومشاركة له في محنته ومصيبته.
٢١٩ ـ مأتم الحسين عليهالسلام في دار فاطمة عليهاالسلام :
(قادتنا : كيف نعرفهم؟ ، ج ٦ ص ١٢٠)
روى الخوارزمي عن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : زارنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فعملنا له حريرة ، وأهدت لنا أم أيمن قعبا من لبن وزبدا وصفحة من تمر. فأكل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأكلنا معه. ثم وضّأت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقام فاستقبل القبلة ، فدعا الله ما شاء. ثم أكبّ على الأرض بدموع غزيرة مثل المطر. فهبنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن نسأله!.
فوثب الحسين عليهالسلام فقال : يا أبتي رأيتك تصنع ما لم أرك تصنع مثله!. فقالصلىاللهعليهوآلهوسلم : يا بني إني سررت بكم اليوم سرورا لم أسرّ بكم مثله. وإن حبيبي جبرئيل أتاني فأخبرني أنكم قتلى ، وأن مصارعكم شتى ، فدعوت الله لكم ، وأحزنني ذلك.
فقال الحسين عليهالسلام : يا رسول الله ، فمن يزورنا على تشتّتنا ، ويتعاهد قبورنا؟. قال : طائفة من أمتي ، يريدون برّي وصلتي. فإذا كان يوم القيامة شهدتها بالموقف ، وأخذت بأعضادها ، فأنجيتها والله من أهواله وشدائده.
٢٢٠ ـ في دار أم سلمة :
(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ١٧٦)
وروى ابن عساكر بإسناده عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن أبيه (قال) قالت أم سلمة : كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نائما في بيتي ، فجاء الحسين عليهالسلام. قالت : فقصد الباب ، فسبقته على الباب مخافة أن يدخل فيوقظه. قالت : ثم غفلت في شيء ، فدبّ فدخل ، فقعد على بطنه.
قالت : فسمعت نحيب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فجئت فقلت : يا رسول الله ، والله ما علمت به. فقال : إنما جاءني جبرئيل عليهالسلام وهو على بطني قاعد ، فقال لي :