إلى شريف نسبه وكريم عنصره ، وبنوّته لسيد الأنبياء ولسيد الأوصياء وللبضعة الزهراء سيدة النساء صلوات الله عليهم ، أكرم الصفات وأحسن الأخلاق وأعظم الأفعال وأجلّ الفضائل والمناقب ، وقام بما لم يسمع بمثله قبله ولا بعده ، من بذل نفسه وماله وآله في سبيل إحياء الدين وإظهار فضائح المنافقين. وأظهر من إباء الضيم وعزة النفس والشجاعة والبسالة والصبر والثبات ما بهر العقول.
ومصيبته وكيفية شهادته عليهالسلام من أفظع ما صدر في الكون ، مع أنه ابن بنت النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي لم يكن على وجه الأرض ابن بنت غيره.
وقد حزن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبكى لتلك المصيبة قبل وقوعها ، وكذلك آله الأئمة الأطهار عليهمالسلام كانت سيرتهم تجديد الأحزان لذكرى تلك الفاجعة الأليمة ، حتّى قال الإمام الرضا عليهالسلام : كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلب عليه ، حتّى تمضي عشرة أيام منه ، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه.
وقد ندبوا عليهمالسلام إلى ما ندب إليه العقل ، في حق كل محبّ مع حبيبه ، من الفرح لفرحهم والحزن لحزنهم. واقتدى بهم في ذلك شيعتهم وأولياؤهم ، فجدّدوا ذكرى مصيبة الحسين عليهالسلام وكيفية شهادته ، التي تكاد أن تفتّت الصخور ، فضلا عن الأكباد والقلوب ، لا سيما في عشرة المحرم التي وقعت فيها تلك المصائب الفادحة.
٢٤٠ ـ حرمة الجرح واللطم المؤذي :
(المصدر السابق)
إلى أن يقول رحمهالله : كما أن ما يفعله جملة من الناس ، من جرح أنفسهم بالسيوف أو اللطم المؤدي إلى إيذاء البدن ، إنما هو من تسويلات الشيطان وتزيينه بسوء الأفعال ، فذلك مما يغضب الحسين عليهالسلام ويبعد عنه ، لا
مما يقرّب إليه. فهو عليهالسلام قد قتل في سبيل الإحياء لدين جده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذه الأعمال مما نهى عنها دين جده ، فكيف يرضى بها ، وتكون مقرّبة إليه تعالى ، والله تعالى لا يطاع من حيث يعصى ...
وهكذا ما يجري من التمثيل والتشبيه للوقعة ، فإنه في نفسه مشتمل على كثير من المحرّمات ، وموجب لهتك الحرمة ، وفتح باب القدح للذين يحاولونه بما استطاعوا ، فيكون منهيّا عنه بقوله : ولا تكونوا شينا علينا.