هذا من ناحية المحكومين ، أما من ناحية الحاكم ، فإن يزيد كان معلنا بالفسق ، بينما معاوية فقد كان متسترا به ، وإن موت معاوية جعل الحسين عليهالسلام في حلّ من عقد الصلح .. كل هذا دفع الحسين عليهالسلام إلى إعلان النهضة المقدسة في وجه الباطل.
يقول أحدهم في هذا المعنى : (مجموعة نفيسة ، ص ٤٤٨ ط إيران)
لما مات معاوية وانقضت مدة الهدنة التي كانت تمنع الحسين عليهالسلام من الدعوة إلى نفسه ، أظهر أمره بحسب الإمكان ، وأبان عن حقه للجاهلين به ، حالا بعد حال ، إلى أن اجتمع له في الظاهر الأنصار. فدعا إلى الجهاد وشمّر للقتال ، وتوجّه بولده وأهل بيته من حرم الله وحرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نحو العراق ، للاستنصار بمن دعاه من شيعته على الأعداء.
وقد اقتطعت هذه الفقرات من كتاب (الأئمة الاثنا عشر ـ دراسة تحليلية) للأستاذ عادل الأديب ، من ص ١٠٥ ـ ١٢٣ :
٢٧١ ـ تغير الأوضاع بين عصر الحسن عليهالسلام وعصر الحسين عليهالسلام :
إن دور الإمام الحسن عليهالسلام يختلف عن دور الإمام الحسين عليهالسلام. ففي مرحلة الإمام الحسين عليهالسلام ارتفع الشك عن المسلمين في صحة المعركة وشرعيتها ، وأصبح المسلمون في هذه المرحلة يعيشون تجربة الإمام علي عليهالسلام كمثل أعلى للحكم الإسلامي العادل. وأدركوا أن انتصار بني أمية هو انتصار للإرستقراطية الجاهلية التي ناصبت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه العداء ، والتي جاهدها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى قضى عليها ، وأقاموا على أنقاضها دعائم الإسلام.
ولا ندهش إذا كره المسلمون بني أمية وغطرستهم وكبريائهم وإثارتهم للأحقاد القديمة ونزوعهم للروح الجاهلية ، والأمويون لم يعتنقوا الإسلام إلا سعيا وراء مصالحهم الشخصية (١). وهم أول من ابتدع وبشكل سافر في التاريخ الإسلامي نظما وتقاليد بعيدة عن الإسلام ، محاولة منهم التشبّه بملوك الفرس والبيزنطيين ، وحوّلوا الخلافة إلى ملك كسروي وعصب قيصري (٢).
__________________
(١) تاريخ الإسلام للدكتور حسن إبراهيم ، ج ١ ص ٢٧٨.
(٢) رسالة في معاوية والأمويين للجاحظ ، تحقيق عزة العطار ، ص ١٦.