أنه عليهالسلام رأى أخاه الحسن عليهالسلام لما سالم معاوية ، وكيف فعل به أولا ، وكيف غدر به آخرا ، حتّى قتله مسموما. فما كان يصنع ابنه يزيد مع الحسين عليهالسلام إلا أسوأ من هذا ، لأن معاوية كان فيه الدهاء ، وما كان يتجرأ على قتل الحسين عليهالسلام ظاهرا ، ولهذا أوصى عند موته ليزيد ، أنك [إن] تظفر بالحسين عليهالسلام فلا تقتله ، واذكر فيه القرابة من رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم.
٢٩٢ ـ بين هجرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهجرة السبط عليهالسلام :
(من وحي الثورة الحسينية لهاشم معروف الحسني ، ص ٣١)
يقول السيد هاشم معروف الحسني :
هناك هجرتان من أجل الإسلام ورسالة الإسلام :
الأولى منهما : كانت فرارا من الموت الّذي استهدف رسالة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بشخصه ، وقد نفّذها الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم بأمر من ربه ، ليتابع رسالته وينقذها من مشركي مكة وجبابرة قريش وعلى رأسهم أبو سفيان.
والثانية : قام بها سبطه الزكي الحسين بن علي عليهالسلام ولكنها كانت للشهادة ، بعد أن أدرك أن الأخطار المحدقة برسالة جده ، لا يمكن تفاديها وتجاوزها إلا بشهادته.
لقد هاجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من مكة إلى المدينة لأجل رسالته ، بعد أن تآمرت قريش على قتله لتتخلص منها ، لأن بقاءها وانتشارها مرهون بحياته ، وبعد أن وجدت أن جميع وسائل العنف التي استعملتها معه خلال ثلاثة عشر عاما لم تغير من موقفه شيئا ، كما لم تجدها جميع الاغراءات والعروض السخية. وكان ردّه الأخير على عروض أبي سفيان وأبي جهل ومغرياتهما أن قال : «والله لو وضعتم الشمس في يميني ، والقمر في شمالي ، على أن أترك هذا الأمر ما تركته ، حتّى يحكم الله أو أهلك دونه».
وظل الحزب الأموي بقيادة أبي سفيان وأبنائه يتحيّن الفرص ويستغل المناسبات ليجهض على الإسلام وعلى قادة الإسلام ، بعد أن عملوا بكل جهدهم لإفراغ الإسلام من مضمونه الحقيقي واتخاذه أداة ظاهرية للوصول إلى الحكم.
وحين عادت الجاهلية تعصف برياحها على بلاد الإسلام ، وتلقي بظلها على المسلمين ، سطع ضوء في الظلام ومن بين ركام الإسلام المتداعي ، وأضاءت للملأ