ثم قال الحسين بن روح : فلما أتوا بمثل هذه المعجزات ، وعجز الخلق من أممهم عن أن يأتوا بمثله ، كان من تقدير الله عزوجل ، ولطفه بعباده وحكمته ، أن جعل أنبياءه مع هذه المعجزات ، في حال غالبين ، وفي أخرى مغلوبين ، وفي حال قاهرين ، وفي حال مقهورين. ولو جعلهم عزوجل في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين ، ولم يبتلهم ولم يمتحنهم ، لا تخذهم الناس آلهة من دون الله عزوجل ، ولما عرف فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار.
قال محمّد بن إبراهيم بن اسحق : فعدت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح من الغد وأنا أقول في نفسي : أتراه ذكر ما ذكر لنا يوم أمس من عند نفسه؟. فقال لي : يا محمّد بن إبراهيم ، بل ذلك من الأصل ، ومسموع من الحجة صلوات الله عليه.
٣٠٦ ـ الشهادة أعلى درجات الكرامة :
(رأس الحسين عليهالسلام لابن تيمية ، ص ٢٠ و ٢١)
ووقع القتل في كربلاء ، حتّى أكرم الله الحسين عليهالسلام ومن أكرمه من أهل بيته بالشهادة ، رضي الله عنهم وأرضاهم. وأهان بالبغي والظلم والعدوان من أهانه ، بما انتهكه من حرمتهم ، واستحله من دمائهم. وكان ذلك من نعمة الله على الحسين عليهالسلام وكرامته له ، لينال منازل الشهداء. حيث لم يحصل له من أول الإسلام من الابتلاء والامتحان ما حصل لسائر أهل بيته ، كجده صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبيه وعمه وعم أبيه.
وفي صحيح مسلم عنه أنه قال صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم غدير خم : أذكّركم الله في أهل بيتي ، أعادها ثلاثا.
وإذا كانوا أفضل الخلق ، فلا ريب أن أعمالهم أفضل الأعمال.
ولما كان الحسن والحسين عليهالسلام سيدي شباب أهل الجنة ، وكانا قد ولدا بعد الهجرة في عزّ الإسلام ، ولم ينلهما من الأذى والبلاء ما نال سلفهما الطيب ، فأكرمهما الله بما أكرمهما به من الابتلاء ، ليرفع درجاتهما ، وذلك من كرامتهما عليه ، لا من هوانهما عنده.
وفي المسند وغيره ، عن فاطمة بنت الحسين عليهاالسلام عن أبيها الحسين عليهالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «ما من مسلم يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته ، وإن قدمت ،