الباب الثاني
الأوضاع السابقة للنهضة
قال تعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (٧٣) [الأنبياء : ٧٣]
* مقدمة الباب :
يتضمن هذا الباب من الموسوعة إعطاء فكرة عامة عن الأوضاع التي سبقت نهضة الحسين عليهالسلام وواقعة كربلاء ، والتي لها علاقة ماسّة بها ، وهي الفترة التي واكبت خلافة الإمام الحسن عليهالسلام ثم توقيعه الصلح مع معاوية ، ثم وفاة الحسن عليهالسلام واستلام الحسين عليهالسلام مقاليد الإمامة ، ثم هلاك معاوية وتولي يزيد السلطة.
ولا بأس أن ننوه أنه في هذه الفترة وفي كل فترة كان هناك للمسلمين إمامان :
إمام للجسم والجسد يتولى الحكم في الأشياء المادية والدنيوية ، مثل معاوية ويزيد ، ثم ملوك بني أمية وبني العباس. وإمام للنفوس والقلوب يتولى الشؤون الروحية والدينية ، وهو الحسن والحسين عليهماالسلام ثم أئمة أهل البيت عليهمالسلام.
وسواء تولى الأئمة عليهمالسلام المسؤولية الأولى أم لم يتولوها ، فإنهم يتولون دائما المسؤولية الثانية ، وهي الإمامة الدينية. وهذا فحوى قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للسبطين :
«الحسن والحسين إمامان ، قاما أو قعدا».
أي قاما بالخلافة الدنيوية أو لم يقوما بها.
لذلك لما قال الرشيد للإمام موسى الكاظم عليهالسلام وقد لقيه عند الكعبة المشرفة :
أنت الّذي تبايعك الناس سرا؟. أجابه الإمام عليهالسلام :
«أنا إمام القلوب ، وأنت إمام الجسوم!».
(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ١٥٠)