٣١٠ ـ معاوية في عهد الخلفاء الأربعة :
(تاريخ أبي الفداء ، ج ٢ ص ١٠٣)
قال أبو الفداء : أسلم معاوية مع أبيه عام الفتح ، واستكتبه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(أقول) : هذا الكلام لا يوحي بأن معاوية كان كاتبا للوحي. والصحيح أن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم استخدمه لكتابة بعض الرسائل التي بعثها للملوك فقط. اه.
واستعمله عمر على الشام أربع سنين من خلافته. وأقرّه عثمان مدة خلافته نحو اثنتي عشرة سنة. وتغلّب على الشام محاربا ضد الإمام علي عليهالسلام أربع سنين.
فكان أميرا وملكا على الشام نحو أربعين سنة.
وكان حليما حازما داهية ، عالما بسياسة الملك.
٣١١ ـ معاوية في زمن عمر :
كانت علاقات بني أمية مع بلاد الشام جيدة ، منذ نفي أمية إليها في الجاهلية. وكان يقوّي ذلك تجاراتهم إلى الشام في الصيف. ولعل هذا هو الّذي حدا بعمر بن الخطاب على تعيين معاوية واليا على الشام ، ولكنه لو كان يتفرّس في أحلامه ما وضعه عليها.
وكان أبو سفيان وبنو أمية لا يرغبون في الظاهر في خلافة أبي بكر ، فحاولوا تأييد بني هاشم عن طريق العباس. والحقيقة أن هدفهم لم يكن حبّ بني هاشم ، وإنما إلقاح الفتنة بين المسلمين ليصفو الجوّ لهم ، فيصيدوا صيدهم في الماء العكر. لكن الإمام عليا عليهالسلام أنكر عليهم تأييدهم له وشكرهم.
ولما أصبح معاوية واليا على الشام ، بدأ يقلّد الإفرنج في مظاهر الحكم ، فلا يخرج من قصره إلا بموكب ولا يعود إلا بموكب ، وأكثر من لبس الحرير والديباج والثياب المنمّقة ، فأنكر عمر عليه ذلك.
يروى أنه لما عيّن عمر بن الخطاب معاوية على الشام ، زاره يوما فرأى منه أشياء لا تعجبه ، فاستنكر عليه ما وصلت إليه حاله من البذخ والبهرجة والإسراف ، مما لا يجوز في الإسلام. فأجابه معاوية بدهائه ، أنه إنما يفعل ذلك مجاراة لجيرانه الروم. فقال له عمر قوله المشهور : إن كان ما تقوله حقا فهو رأي مصيب ، وإن كان كذبا فهو خدعة أريب.