وبدأ الحسن عليهالسلام ينفذ كتائبه لمحاربة جيش الشام. فكان كلما وصلت كتيبة إليه أغراها معاوية بالمال ، فانضمت إليه مع قائدها. حتّى أن ممن فعل ذلك عبيد الله ابن العباس ابن عم الإمام علي عليهالسلام.
وهكذا خذل أصحاب الحسن عليهالسلام إمامهم وقائدهم ، حتّى لم يبق معه أكثر من مئتي شخص.
ولقد بلغ تخالف أنصار الحسن عليهالسلام مبلغه ، فلقد بعث معاوية إلى أربعة من حلفاء الحسن عليهالسلام أن يقتلوه لقاء مال وولاية وتزويج إحدى بناته ، فبعثوا إلى معاوية يسألونه : أيريد الحسن طيّبا أم ميّتا؟. فبعث معاوية رسائلهم إلى الحسن عليهالسلام طالبا منه الصلح.
صلح الإمام الحسن عليهالسلام مع معاوية
٣٢٥ ـ صلح الحسن عليهالسلام : (المصدر السابق)
ولما استيأس الحسن عليهالسلام من أصحابه وجد أنه لا مناص من الصلح ، فقبل بالصلح على شروط تكفل بعض حقوق شيعته من أن ينكل بهم [أي معاوية] ، وكان من جملة شروطه أن لا يولّي معاوية أحدا من بعده. فرضي معاوية بكل شروط الصلح ، ثم ضرب بها عرض الحائط ، وذلك حين خطب بأهل العراق قائلا : «ألا وإني كنت منّيت الحسن وأعطيته أشياء ، وجميعها تحت قدمي لا أفي بشيء منها». وبذلك تخلّى معاوية عن كل شيء من كرامته ، حتّى من شهامته العربية في حفظ الوعد والوفاء بالعهد.
٣٢٦ ـ كيف تمّ الصلح : (الإستيعاب لابن حجر العسقلاني ، ج ١ ص ٣٧٠)
لما قتل الإمام علي عليهالسلام بايع الإمام الحسن عليهالسلام أكثر من أربعين ألفا على الموت. فبقي نحو سبعة أشهر خليفة بالعراق وما وراءها من خراسان. ثم سار إلى معاوية وسار معاوية إليه ، فلما تراءى الجمعان في موضع يقال له مسكن (انظر الشكل ـ ٢) من أرض السواد بناحية الأنبار ، علم أنه لن تغلب إحدى الفئتين حتّى يذهب أكثر الأخرى.
فكتب إلى معاوية يخبره أنه يصيّر الأمر إليه ، على أن يشترط عليه أن لا يطلب أحدا من أهل المدينة والحجاز ولا أهل العراق بشيء كان في أيام أبيه ، فأجابه معاوية وكاد يطير فرحا.