قال : فمتى علمت أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم؟. فقلت : يا أبت ، وهل كان عليّ من أهل بدر؟.
فقال : ويحك ، وهل كانت بدر كلها إلا له؟.
فقلت : لا أعود. فقال : إنك لا تعود؟ قلت : نعم. فلم ألعنه بعدها.
٣٤٩ ـ عمر بن عبد العزيز وأبوه :
(شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ٤ ص ٥٨)
قال عمر بن عبد العزيز : ثم كنت أحضر تحت منبر المدينة وأبي يخطب يوم الجمعة ، وهو يومئذ أمير المدينة. فكنت أسمع أبي يمرّ في خطبته تهدر شقاشقه ، حتّى يأتي إلى لعن علي عليهالسلام فيجمجم ، ويعرض له من الفهاهة والحصر ما الله عالم به. فكنت أعجب من ذلك.
فقلت له يوما : يا أبت أنت أفصح الناس وأخطبهم ، فما بالي أراك أفصح خطيب يوم حفلك ، حتّى إذا مررت بلعن هذا الرجل صرت ألكن عييّا؟. فقال : يا بني ، إن من ترى تحت منبرنا من أهل الشام وغيرهم ، لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوك ، لم يتبعنا منهم أحد. فوقرت كلمته في صدري ، مع ما قاله لي معلمي أيام صغري. فأعطيت الله عهدا ، لئن كان لي في هذا الأمر نصيب لأغيّرنه. فلما منّ الله عليّ بالخلافة أسقطت ذلك ، وجعلت مكانه : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٩٠) [النحل : ٩٠]. وكتب به إلى الآفاق فصار سنّة. وفي ذلك قال الشريف الرضي مادحا عمر :
يابن عبد العزيز لو بكت العي |
|
ن فتى من أميّة لبكيتك |
غير أني أقول إنك قد طب |
|
ت وإن لم يطب ولم يزك بيتك |
أنت نزّهتنا عن السبّ والقذ |
|
ف ، فلو أمكن الجزاء جزيتك |
ولو اني رأيت قبرك لاستح |
|
ييت من أن أرى وما حيّيتك |
وقليل أن لو بذلت دماء ال |
|
بدن صرفا على الذرى وسقيتك |
٣٥٠ ـ عمر بن عبد العزيز يمنع مسبة الإمام علي عليهالسلام :
(الإمام الحسين يوم عاشوراء ، طبع مؤسسة البلاغ ، ص ٤٣)
وكان عمر بن عبد العزيز في نهاية النسك والتواضع ، فترك لعن علي عليهالسلام على المنابر ، وجعل مكانه.