أعطى بيعته ، من كان مثلك في خطرك وشرفك ومنزلتك التي أنزلك الله بها. وإن كان الّذي بلغني باطلا ، فإنك أنت أعدل الناس لذلك ، وحظّ نفسك فاذكر ، وبعهد الله أوف!. فإنك متى تنكرني أنكرك ، ومتى تكدني أكدك. فاتّق شقّ عصا هذه الأمة ، وأن يردّهم الله على يديك في فتنة ، فقد عرفت الناس وبلوتهم ، فانظر لنفسك ولدينك ولأمة محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا يستخفّنك السفهاء والذين لا يعلمون.
٣٩٦ ـ ردّ الحسين عليهالسلام على كتاب معاوية ، وبيان بعض أعماله ونقضه للعهد:
(المصدر السابق ، ص ١٣٢)
فلما وصل الكتاب إلى الحسين رضي الله عنه ، كتب إليه :
أما بعد ، فقد بلغني كتابك تذكر فيه أنه انتهت إليك عني أمور أنت لي عنها راغب ، وأنا بغيرها عندك جدير ، وإن الحسنات لا يهدي لها ولا يسدد إليها إلا الله تعالى. وأما ما ذكرت أنه رقى إليك عني ، فإنه إنما رقاه إليك الملّاقون المشّاؤون بالنميمة ، المفرّقون بين الجمع ، وكذب الغاوون. واعلم بأني ما أردت لك حربا ولا عليك خلافا ، وإني لأخشى الله في ترك ذلك منك ، ومن الإعذار فيه إليك ، وإلى أوليائك القاسطين (الجائرين) الملحدين ، حزب الظلمة وأولياء الشيطان.
ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة ، وأصحابه المصلّين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ولا يخافون في الله لومة لائم؟ ثم قتلتهم ظلما وعدوانا ، من بعد ما أعطيتهم الأيمان المغلظّة والمواثيق المؤكدة ، جرأة على الله واستخفافا بعهده.
أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، العبد الصالح الّذي أبلته العبادة ، فنحل جسمه واصفر لونه؟. فقتلته بعد ما أمنّته وأعطيته من العهود ما لو فهمته (الوعول) لنزلت من رؤوس الجبال.
أولست بمدّع (زياد بن سمية) المولود على فراش (عبيد) عبد ثقيف؟. فزعمت أنه ابن أبيك ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «الولد للفراش وللعاهر الحجر». فتركت سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تعمدا ، واتبعت هواك بغير هدى من الله. ثم سلطّته على أهل الإسلام يقتلهم ويقطع أيديهم وأرجلهم ويسمل عيونهم ويصلبهم على جذوع النخل ، كأنك لست من هذه الأمة وليسوا منك.