وفيها أن يعامل أهل العراق معاملة جيدة ، وكذلك أهل الحجاز ، وخاصة الحسينعليهالسلام.
لكن الواقع أن مقابل هذه الوصية الظاهرية هناك وصية مستورة تعاكسها ، وهي الحقيقة التي ستطبق.
فقد روى المؤرخون أن معاوية أوصى يزيد بإرسال مسلم بن عقبة إلى المدينة إذا لم يبايعوا ، وكان (مسلم) جزّارا جلّادا لا يعرف الرحمة والرأفة. فهل هكذا الإحسان للحجازيين؟!.
كما أوصى بتعيين عبيد الله بن زياد على العراق ، وهو أكبر دموي غادر ، فهل هكذا الإحسان للعراقيين؟!.
وإذا كان معاوية لم يتردد في اغتيال الإمام الحسن عليهالسلام حتّى بعد ما بايعه ، فهل حقا يوصي ابنه بالحسين عليهالسلام ، وأن يعفو عنه إذا ظفر به. ولو أن الوصية المزعومة كانت صحيحة لما كان يزيد ، لا همّ له بعد موت أبيه إلا تحصيل البيعة من الحسين عليهالسلام. الصحيح أنه أوصاه أن يغتاله سرا ، فبعث إلى والي المدينة كتابا صغيرا منفصلا عن الكتاب الأصلي يأمره به بقتله أو يبايع. كما أمر والي مكة ـ فيما بعد ـ بأن يقتله على أي حال اتفق ، حتّى ولو كان متمسكا بأستار الكعبة!.
توضيح : زعم بعض المؤرخين أن معاوية كتب وصيته ليزيد ، ويزيد لم يكن حاضرا عنده. وقال بعضهم إنه كان حاضرا عند الوصية. ولكنهم أجمعوا على أنه لم يكن حاضرا عند موته ، بل كان في (حوّارين) من أعمال شرق حمص. ويمكن إزالة هذا التعارض بالقول إن معاوية كتب الوصية في غياب يزيد ، ولما حضر قرأ أبوه عليه الوصية. ثم إن يزيد سافر إلى حوّارين ، وما لبث أبوه أن مات وهو غائب عنه. فاستدعاه الضحّاك بن قيس ، فقدم لثلاثة أيام على وفاته.
يقول الدينوري في (الأخبار الطوال) : إن معاوية أوصى وكان يزيد غائبا ، ثم قدم عليه يزيد ، فأعاد عليه الوصية ، ثم قضى.
٤١٨ ـ وفاة معاوية وعمره : (مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٧٧)
يقول الخوارزمي : فتوفي معاوية في غد ذلك اليوم ، وليس عنده يزيد (بل خرج إلى حوران للصيد). فكان ملكه تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر. وتوفي بدمشق يوم الأحد لأيام خلت من شهر رجب سنة ٦٠ ه ، وهو ابن ثمان وسبعين ٧٨ سنة.