فمن الواضح أن مبايعة الإمام الحسين عليهالسلام ليزيد كانت تعني تحقيق ما يلي : الاعتراف الشرعي بحكومة يزيد ، وبأنها تمثّل إرادة المسلمين ، وهذا بطبعه يؤدي بالتالي إلى أن عامة المسلمين سوف يبايعون يزيد ، فسيعطي خلافة يزيد صفة الشرعية الإسلامية.
لذلك رفض الإمام الحسين عليهالسلام البيعة شكلا ومضمونا ، وقال : «مثلي لا يبايع مثله». وبدأ يعمل لإقامة دولة إسلامية صحيحة ، معتمدا على واقعين أساسيين :
١ ـ الإرادة الجماهيرية الرافضة لحكومة يزيد ، والتي تعتبر أرضية خصبة يجب تنميتها لقيام حكومة إلهية.
٢ ـ فساد القيادة التي تولاها يزيد والحزب الأموي.
٤٦٦ ـ من كلام للحسين عليهالسلام ناجى به جده صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد زار قبره الشريف :
(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٦)
وفي هذه الليلة خرج الحسين من منزله وأتى قبر جده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فسطع له نور من القبر (١) فقال : السلام عليك يا رسول الله ، أنا الحسين بن فاطمة ، فرخك وابن فرختك ، وسبطك والثّقل (٢) الّذي خلّفته في أمتك ، فاشهد عليهم يا نبي الله أنهم قد خذلوني وضيّعوني ولم يحفظوني ، وهذه شكواي إليك حتّى ألقاك ، صلى الله عليك.
ثم صفّ قدميه فلم يزل راكعا وساجدا حتّى الصباح (٣).
٤٦٧ ـ من كلام له عليهالسلام وقد زار قبر جده صلىاللهعليهوآلهوسلم مرة ثانية ، وخبر رؤيته للنبيصلىاللهعليهوآلهوسلم :
(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٦)
وفي الليلة الثانية جاء الحسين عليهالسلام إلى قبر جده صلىاللهعليهوآلهوسلم وصلى ركعات ، ثم قال : الله م إن هذا قبر نبيك محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا ابن بنت نبيك ، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت. الله م إني أحبّ المعروف وأنكر المنكر ، وإني أسألك يا ذا الجلال
__________________
(١) مقتل المقرم ، ص ١٤٤ نقلا عن أمالي الصدوق ، ص ٩٣ مجلس ٣٠.
(٢) الثّقل : كل شيء نفيس مصون.
(٣) مقتل المقرم ، ص ١٤٥ عن مقتل العوالم ، ص ٥٤ ؛ والبحار ، ج ١٠ ص ١٧٢.