أما بعد فإني خرجت من المدينة مع دليلين استأجرتهما ، فضلّا عن الطريق ، واشتدّ بهما العطش فماتا. ثم إنا صرنا إلى الماء بعد ذلك ، وقد كدنا أن نهلك ، فنجونا بحشاشة أنفسنا ، وقد أصبنا الماء بموضع يقال له المضيق (وفي رواية : المضيق من بطن الخبت ، وهو ماء لبني كلب). وقد تطيّرت من وجهي الّذي وجّهتني فيه ، فرأيك في إعفائي عنه ، والسلام.
٥٠٩ ـ جواب الحسين عليهالسلام لمسلم : (المصدر السابق)
فلما ورد كتابه على الحسين عليهالسلام علم أنه قد تشاءم وتطيّر من موت الدليلين ، وأنه جزع. فكتب إليه :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ). من الحسين بن علي عليهماالسلام إلى مسلم بن عقيل : أما بعد ، فقد خشيت أن لا يكون حملك على الكتاب إليّ ، في الاستعفاء من وجهك الّذي أنت فيه ، إلا الجبن والفشل ، فامض لما أمرت به ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فلما ورد كتاب الحسين عليهالسلام على مسلم ، كأنه وجد [أي حزن] من ذلك في نفسه. فقال : لقد نسبني أبو عبد الله إلى الجبن والفشل ، وهذا شيء لم أعرفه من نفسي ساعة قط.
وأقبل حتّى دخل الكوفة.
٥١٠ ـ دخول مسلم بن عقيل الكوفة ونزوله بدار المختار :
(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٩٧)
وكان مسلم قد خرج من مكة للنصف من شهر رمضان ، ووصل الكوفة لخمس خلون من شوال. فنزل في دار مسلم بن المسيب ، وهي دار المختار بن أبي عبيد الثقفي. (وفي البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٦٥) : وقيل نزل في دار مسلم ابن عوسجة الأسدي.
البيعة
فجعلت الشيعة تختلف إليه ، وهو يقرأ عليهم كتاب الحسين عليهالسلام ، والقوم يبكون شوقا إلى مقدم الحسين عليهالسلام.
(وفي تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٥ ط ٢ نجف) : ثم قالوا : والله لنضربنّ بين يديه بسيوفنا حتّى نموت جميعا.