فقالت امرأة : الله أكبر ، ابن رسول الله وربّ الكعبة. فتصايح الناس وقالوا : إنا معك أكثر من أربعين ألفا. وازدحموا حتّى أخذوا بذنب دابته.
وكان الناس قد بلغهم إقبال الحسين عليهالسلام إليهم وهم ينتظرونه ، فظنوا أنه الحسينعليهالسلام. فأخذ لا يمرّ على جماعة من الناس إلا سلّموا عليه ، وقالوا : مرحبا بك يابن رسول الله ، قدمت خير مقدم. فرأى من تباشرهم بالحسين عليهالسلام ما ساءه.
فقال مسلم الباهلي لما أكثروا : تأخروا ، هذا الأمير عبيد الله بن زياد.
وسار حتّى وافى القصر ليلا ومعه جماعة قد التفّوا به ، لا يشكّون أنه الحسين عليهالسلام. فأغلق النعمان بن بشير القصر عليه ...
٥٢١ ـ ابن زياد يتزيّى بزيّ الحسين عليهالسلام ليخدع الناس :
(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ١٩٩)
فلما كان من الغد نادى في الناس ، وخرج من البصرة يريد الكوفة ، ومعه أبو قتيبة مسلم بن عمرو الباهلي ، والمنذر بن الجارود العبدي ، وشريك بن عبد الله الهمداني. فلم يزل يسير حتّى بلغ قريبا من الكوفة ، ثم نزل.
ولما أمسى وجاء الليل ، دعا بعمامة سوداء فاعتجر بها متلثما ، ثم تقلد سيفه وتوشح قوسه وتنكّب كنانته ، وأخذ في يده قضيبا ، واستوى على بغلة له شهباء. وركب أصحابه ، وسار حتّى دخل الكوفة عن طريق البادية ، وذلك في ليلة مقمرة ، والناس يتوقعون قدوم الحسين عليهالسلام. فجعلوا ينظرون إليه وإلى أصحابه ، وهو في ذلك يسلّم عليهم ، وهم لا يشكوّن في أنه الحسين بن علي عليهماالسلام ، فهم يمشون بين يديه ويقولون : مرحبا بك يابن رسول الله ، قدمت خير مقدم. فرأى عبيد الله من تباشير الناس ما ساءه ، فسكت ولم يكلمهم ولا ردّ عليهم شيئا. فتكلم مسلم بن عمرو الباهلي ، فقال : إليكم عن الأمير يا ترابيّة ، فليس هذا من تظنون ، هذا الأمير عبيد الله بن زياد ، فتفرق الناس عنه.
(وفي مروج الذهب للمسعودي ، ج ٣ ص ٦٧) :
حتّى انتهى إلى القصر وفيه النعمان بن بشير ، فتحصّن (النعمان) فيه ثم أشرف عليه ، فقال : يابن رسول الله مالي ولك! [يظن القادم هو الحسين] ، وما حملك على قصد بلدي من بين البلدان؟. فقال ابن زياد : لقد طال نومك يا نعيم ، وحسر اللثام