قال المدائني : كانت القادسية تسمى قديسا ، وذلك أن إبراهيم عليهالسلام مرّ بها فرأى زهرتها ، ووجد هناك عجوزا فغسلت رأسه ، فقال : قدّست من أرض ، فسميت (القادسية).
تقع القادسية جنوب الكوفة ومنها
ينطلق طريق الحاج إلى مكة
٥٣٤ ـ الحيرة :
مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة (٦ كم) جنوبا ، على موضع يقال له النجف [هذا نجف الحيرة ، وليس نجف الكوفة المعروفة] ، زعموا أن بحر فارس [لعل المقصود به الخليج العربي] كان يتصل به. والنجف كان ساحل بحر الملح ، وكان في قديم الدهر يبلغ الحيرة.
ومعنى الحيرة في اللغة السريانية (الحصن) ، وكانت الحيرة من أكبر مدن العصور السالفة. وهي منازل آل (بقيلة) وغيرهم.
وكانت الحيرة مسكن ملوك العرب في الجاهلية ، وبها كانت منازل ملوك بني نصر من لخم ، وهم آل النعمان بن المنذر. وعلية أهل الحيرة نصارى ، وتكثر فيها الأديرة ، مثل دير علقمة ودير اللّج ودير هند الصغرى ودير هند الكبرى ؛ بنتي النعمان بن المنذر ، ودير حتّه ودير السّوا (أي العدل).
وبنى فيها المناذرة بعد تنصّرهم القصور والكنائس الكبيرة والحصون المنيعة. وبنى فيها النعمان بن المنذر قصرين شهيرين هما : الخورنق والسّدير.
ولقد مرّت على (الحيرة) فترات من العمران والخراب. فلما مات بخت نصّر انضم عرب الحيرة إلى أهل الأنبار (مدينة تسمى اليوم الرمادي ، وتقع على نهر الفرات) ، وبقي الحير خرابا زمانا طويلا ، لا تطلع عليه طالعة من بلاد العرب. وبعد خمسمائة سنة عمّرت الحيرة في زمن عمرو بن عدي ، باتخاذه إياها مسكنا ، وظلت عامرة أكثر من خمسمائة سنة ، إلى أن جاء الفتح الإسلامي وعمّرت (الكوفة) ونزلها المسلمون ، فأهملت الحيرة.
٥٣٥ ـ الخورنق والسّدير :
إنما تكلمت عن الحيرة ، والآن أتكلم عن الخورنق والسدير ، لأبيّن أن هذه المنطقة التي حول الكوفة كانت مهد حضارات قديمة منذ أقدم العصور.