فوثب إليه هاني وقال له : يا سيدي ناشدتك الله لا تفعل ذلك ، ولا تحدث في منزلنا حادثة ، فإن فيه نسوة ضعافا وأطفالا صغارا فأخاف عليهم. فقال مسلم : معاذ الله أن يصاب أحد من أجلنا بمكروه ، فنكون قد تقلدّنا إثمه. وقبل قول هاني وأطاع أمره وبقي على حاله. فأبطأ ذلك على شريك ، فجعل يتمثّل بهذه الأبيات :
ما تنظرون بسلمى لا تحيّوها |
|
حيّوا سليمى وحيّوا من يحيّيها |
هل شربة عذبة أسقى على ظمأ |
|
ولو تلفت وكانت منيتي فيها |
وإن تخشّيت من سلمى مراقبة |
|
فلست تأمن يوما من دواهيها |
٥٤٢ ـ زيارة ابن زياد لشريك بن الأعور في دار هانئ :
(الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري ، ص ٢٣٤)
قال أبو حنيفة الدينوري : ومرض شريك بن الأعور في منزل هانئ مرضا شديدا. وبلغ ذلك عبيد الله بن زياد ، فأرسل إليه يعلمه أنه يأتيه عائدا.
فقال شريك لمسلم : إنما غايتك وغاية شيعتك هلاك هذا الطاغية ، وقد أمكنك الله منه ، وهو صائر إليّ ليعودني ، فقم فادخل الخزانة ، حتّى إذا اطمأن عندي ، فاخرج إليه فقاتله. ثم صر إلى قصر الإمارة فاجلس فيه ، فإنه لا ينازعك فيه أحد من الناس. وإن رزقني الله العافية صرت إلى البصرة ، فكفيتك أمرها ، وبايع لك أهلها.
فقال هانئ : ما أحبّ أن يقتل في داري ابن زياد.
فقال له شريك : ولم؟. فوالله إنّ قتله لقربان إلى الله.
ثم قال شريك لمسلم : لا تقصّر في ذلك.
فبينا هم على ذلك إذ قيل لهم : الأمير بالباب!. فدخل مسلم بن عقيل الخزانة. ودخل عبيد الله بن زياد على شريك ، فسلّم عليه ، وقال : ما الذي تجد وتشكو؟. فلما طال سؤاله إياه ، استبطأ شريك خروج مسلم ، وجعل يقول ويسمع مسلما :
ما تنظرون بسلمى عند فرصتها |
|
فقد وفى ودّها واستوسق الصّرم (١) |
وجعل يردد ذلك.
__________________
(١) الصّرم : الطائفة المجتمعة من القوم.