قلبّ يعوزهم الثبات والحزم. فبينما تراهم يوما شديدي الحماسة لعقيدة يدينون بها ، أو متفانين في الإخلاص لشخص يعضدونه ، إذ بهم في اليوم التالي قد أعرضوا عن العقيدة التي آمنوا بها ، وخذلوا الشخص الّذي أجمعوا على نصرته بالأمس. ولقد قرّحوا قلب الإمام عليعليهالسلام ، ثم خذلوا الإمام الحسن عليهالسلام ، ثم قتلوا الإمام الحسين عليهالسلام.
٥٦٣ ـ التجاء مسلم إلى دار طوعة : (مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٧)
فلما رأى مسلم ذلك استوى على فرسه ومضى في بعض أزقة الكوفة ، وقد أثخن بالجراحات ، لا يدري أين يذهب. حتّى صار إلى امرأة يقال لها (طوعة) ، وقد كانت قبل ذلك أم ولد للأشعث بن قيس ، فتزوجها رجل من حضرموت يقال له أسيد الحضرمي ، فولدت له (بلال) بن أسيد [وهي امرأة عربية موالية لآل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لها شأن كبير في نساء الكوفة].
وكانت المرأة واقفة على باب دارها تنتظر ابنها. فسلّم عليها مسلم فردّت عليهالسلام. فقال: يا أمّة الله اسقيني ماء ، فسقته فجلس على بابها.
(ودخلت ثم خرجت) فقالت له : يا عبد الله ، ما شأنك أليس قد شربت؟!. قال : بلى.
(وفي مثير الأحزان للجواهري ، ص ٢٤) : «قالت : فاذهب إلى أهلك ، فسكت. ثم أعادت مثل ذلك فسكت. ثم قالت في الثالثة : يا سبحان الله يا عبد الله ، قم إلى أهلك عافاك الله ، فإنه لا يصلح لك الجلوس على باب داري ولا أحلّه لك. فقام مسلم وقال : يا أمة الله ما لي في هذا المصر أهل ولا عشيرة ، فهل لك في أجر ومعروف ، ولعلي مكافيك بعد اليوم. قالت :
يا عبد الله وما ذاك؟. قال : أنا مسلم بن عقيل ، كذّبني هؤلاء القوم وغرّوني وأخرجوني».
قال السيد أسد حيدر في كتابه (مع الحسين في نهضته) ص ١١٢ :
«وكانت طوعة امرأة عربية موالية لآل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم شأنها شأن كبير ، من نساء الكوفة اللواتي أثبت التاريخ مواقفهن الحاسمة في مناصرة أهل البيت عليهمالسلام. ولكن الإطار الّذي برزت فيه صورتها في هذا الحادث هو غير إطارها الواقعي».
قالت : أنت مسلم؟. قال : نعم. قالت : ادخل ، فدخل إلى بيت [أي غرفة] في