الشديد ، فوالله يا أخي ما أقدر أن أقبض على قائم سيف ولا كعب رمح. فوالله لا فرحت بعدك أبدا. ثم بكى بكاء شديدا حتّى غشي عليه. فلما أفاق من غشيته قال : يا أخي أستودعك الله من شهيد مظلوم.
وودعه الحسين عليهالسلام ورجع إلى مكة.
٥٩٣ ـ عبد الله بن عمر يشير على الحسين عليهالسلام بالخضوع ، والحسين يبيّن هوان الدنيا ، وأن الله سينتقم من قتلته كما انتقم من بني إسرائيل :
(المنتخب للطريحي ، ص ٣٨٩)
روى بعض الثقات أن عبد الله بن عمر لما بلغه أن الحسين عليهالسلام متوجه إلى العراق ، جاء إليه وأشار عليه بالطاعة والانقياد لابن زياد ، وحذّره من مشاقّة أهل العناد.
فقال له الحسين عليهالسلام : يا عبد الله ، إنّ من هوان هذه الدنيا على الله ، أن رأس يحيى بن زكريا عليهالسلام أهدي إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل ، فامتلأ به سرورا ، ولم يعجّل الله عليهم بالانتقام ، وعاشوا في الدنيا مغتبطين. ألم تعلم يا عبد الله أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا ، ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأنهم لم يفعلوا شيئا ، ولم يعجّل الله عليهم بانتقام ، بل أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.
ثم قال : يا عبد الله ، اتّق الله ولا تدعنّ نصرتي ، ولا تركنن إلى الدنيا ، لأنها دار لا يدوم فيها نعيم ، ولا يبقى أحد من شرّها سليم. متواترة محنها ، متكاثرة فتنها. أعظم الناس فيها بلاء الأنبياء ، ثم الأئمة الأمناء ، ثم المؤمنون ، ثم الأمثل بالأمثل.
٥٩٤ ـ خطبة الحسين عليهالسلام قبيل خروجه من مكة إلى العراق :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٩٣)
ولما عزم الحسين عليهالسلام على الخروج إلى العراق ، قام خطيبا فقال :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وما شاء الله ولا قوة إلا بالله وصلّى الله على رسوله.