إني لأعلم أو ظنّا كعالمه |
|
والظنّ يصدق أحيانا فينتظم |
أن سوف يترككم ما تدّعون بها |
|
قتلى تهاداكم العقبان والرّخم |
يا قومنا لا تشبّوا الحرب إذ سكنت |
|
وأمسكوا بحبال السلم واعتصموا |
قد غرّت الحرب من قد كان قبلكم |
|
من القرون وقد بادت بها الأمم |
فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا |
|
فربّ ذي بذخ زلّت به القدم |
قال الخوارزمي في مقتله ، ج ١ ص ٢١٩ :
وأتى كتاب من يزيد بن معاوية إلى عمرو بن سعيد يأمره فيه أن يقرأه على الموسم ، وفيه القصيدة السابقة.
ثم قال : وأتى مثله إلى أهل المدينة ؛ من قريش وغيرهم.
قال : فوجّه أهل المدينة بهذه الأبيات إلى الحسين ولم يعلموه أنها من يزيد. فلما نظرها الحسين علم أنها منه ، وكتب إليهم في الجواب : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) (٤١) [يونس : ٤١].
٦٠٢ ـ جواب ابن عباس ليزيد على كتابه ، ونصيحته له :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٤٩ ط ٢ نجف)
فكتب ابن عباس ليزيد :
أما بعد ، فقد ورد كتابك تذكر فيه لحاق الحسين وابن الزبير بمكة.
فأما ابن الزبير فرجل منقطع عنا برأيه وهواه ، يكاتمنا مع ذلك أضغانا يسرّها في صدره ، يوري علينا وري الزّناد ، لا فكّ الله أسيرها ، فارأ في أمره ما أنت راء.
وأما الحسين فإنه لما نزل مكة وترك حرم جده ومنازل آبائه ، سألته عن مقدمه ، فأخبرني أن عمّالك بالمدينة أساؤوا إليه وعجلوا عليه بالكلام الفاحش ، فأقبل إلى حرم الله مستجيرا به ، وسألقاه فيما أشرت إليه ، ولن أدع النصيحة فيما يجمع الله به الكلمة ، ويطفئ به النائرة [أي الحرب] ، ويخمد به الفتنة ، ويحقن به دماء الأمة.
فاتقّ الله في السرّ والعلانية ، ولا تبيتنّ ليلة وأنت تريد لمسلم غائلة ، ولا ترصده بمظلمة ، ولا تحفر له مهواة. فكم من حافر لغيره حفرا وقع فيه ، وكم من مؤمّل أملا لم يؤت أمله. وخذ بحظك من تلاوة القرآن ونشر السنّة ، وعليك بالصيام