فبينما نحن نتغدى من طعام لنا ، إذ أقبل رسول الحسين عليهالسلام حتّى سلّم ودخل. ثم قال : يا زهير بن القين ، إن أبا عبد الله الحسين عليهالسلام بعثني إليك لتأتيه!. فطرح كل إنسان منا ما في يده ، حتّى كأن على رؤوسنا الطير.
ـ شهامة دلهم بنت عمرو زوجة زهير : (مثير الأحزان للجواهري ، ص ٣٨)
فقالت له امرأته (دلهم بنت عمرو) : سبحان الله ، أيبعث إليك الحسين عليهالسلام ابن رسول الله ، ثم لا تأتيه؟!. لو أتيته فسمعت كلامه ثم انصرفت!.
فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء (إلى أصحابه فرحا) مستبشرا ، قد أشرق (أسفر) وجهه. فأمر بفسطاطه وثقله (١) ومتاعه فقوّض (وحوّل) إلى الحسين عليهالسلام.
ثم قال لامرأته دلهم : أنت طالق ، إلحقي بأهلك ، فإني لا أحبّ أن يصيبك بسببي إلا خيرا ، وقد عزمت على صحبة هذا الرجل لأفديه بروحي وأقيه بنفسي. ثم أعطاها مالها ، وسلّمها إلى بعض بني عمها ليوصلها إلى أهلها.
فقامت إليه وبكت وودعته ، وقالت : خار الله لك ، أسألك أن تذكرني في القيامة عند جدّ الحسين عليهالسلام.
وفي (الأخبار الطوال) للدينوري ، ص ٢٤٧ قال :
فقام زهير يمشي إلى الحسين عليهالسلام ، فلم يلبث أن انصرف ، وقد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه فقلع ، وضرب إلى لزق فسطاط الحسين عليهالسلام.
ثم قال لامرأته : أنت طالق ، فتقدمي مع أخيك حتّى تصلي إلى منزلك ، فإني قد وطّنت نفسي على الموت مع الحسين عليهالسلام.
ثم قال لمن كان معه من أصحابه : من أحب منكم الشهادة فليقم ، ومن كرهها فليتقدم. فلم يقم معه منهم أحد. وخرجوا مع المرأة وأخيها حتّى لحقوا بالكوفة.
٦٦٥ ـ نبوءة سلمان في بلنجر (٢) :
(المفيد في ذكرى السبط الشهيد ، ص ٥٧)
ثم قال زهير لأصحابه : من أحبّ منكم أن يتبعني ، وإلا فهو آخر العهد مني لكم.
__________________
(١) الثّقل : كل شيء نفيس مصون.
(٢) بلنجر : بلدة ببلاد الخزر ، خلف باب الأبواب ، فتحت في زمن عثمان سنة ٣٢ ه على يد سلمان الفارسي أو سلمان بن ربيعة الباهلي.