أما بعد ، فحل بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، فلا يذوقوا منه قطرة ، كما صنع بالتقيّ الزكي المظلوم أمير المؤمنين عثمان بن عفان (١).
الحصار
ولما وصل الكتاب إلى عمر بن سعد ، أمر عمرو بن الحجاج ومعه خمسمائة فارس ، فنزلوا على الشريعة ، وحالوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، ومنعوهم أن يستقوا منه قطرة ، وذلك قبل قتل الحسين عليهالسلام بثلاثة أيام.
٧٥٣ ـ عبد الله بن الحصين الأزدي يتوعّد الحسين عليهالسلام بالموت عطشا ، ودعاء الحسين عليهالسلام عليه :
(الوثائق الرسمية ، ص ١١٢)
ثم إن عبد الله بن (أبي) الحصين الأزدي نادى في لؤم وحقارة وخسّة نفس وخبث سريرة : يا حسين أما تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء ، ووالله لا تذوق منه قطرة حتّى تموت عطشا.
فتأثر الحسين عليهالسلام من كلامه ، وقال : الله م اقتله عطشا ، ولا تغفر له أبدا.
قال حميد بن مسلم : والله لعدته بعد ذلك في مرضه ، فوالله الّذي لا إله غيره ، لقد رأيته يشرب الماء حتّى يبغر (٢) ، ثم يقيء ويصيح : العطش ، ثم يعود فيشرب الماء حتّى يبغر ، ثم يقيئه ويتلظى عطشا ، فما زال ذلك دأبه حتّى هلك.
وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٧ ط ٢ نجف :
وناداه عمرو بن الحجاج : يا حسين ، هذا الماء تلغ فيه الكلاب وتشرب منه خنازير أهل السواد والحمر والذئاب ، وما تذوق منه والله قطرة حتّى تذوق الحميم في نار الجحيم. فكان سماع هذا الكلام على الحسين عليهالسلام أشدّ من منعهم إياه الماء.
__________________
(١) تاريخ الطبري ج ٤ ص ٣١٢.
(٢) بغر البعير : شرب ولم يرو ، فأخذه داء من الشرب. والبغر : كثرة شرب الماء ، أو داء وعطش.