ثم عاد عمرو بن الحجاج وأصحابه وأرادوا أن يقطعوا عليهم الطريق ، فقاتلهم العباس عليهالسلام وأصحابه حتّى ردّوهم. وقتل من أصحاب عمرو بن الحجاج جماعة ، ولم يقتل من أصحاب الحسين عليهالسلام أحد.
ثم رجع القوم إلى معسكرهم بالماء ، فشرب الحسين عليهالسلام ومن كان معه ، ولقّب العباس يومئذ بالسّقّاء (١).
(يقول السيد عبد الرزاق المقرّم في مقتله ، ص ٢٤٦) : ولكن لا يفوتنا أن تلك الكمية القليلة من الماء ، ما عسى أن تجدي أولئك الجمع ، الّذي هو أكثر من مائة وخمسين رجالا ونساء وأطفالا ، أو إنهم ينيفون على المائتين. ومن المقطوع به أنها لم ترو أكبادهم إلا مرة واحدة ، فسرعان أن عاد إليهم الظمأ ، وإلى الله المشتكى!.
٧٥٩ ـ خطاب الحسين عليهالسلام بالقوم يذكّرهم فيه بحسبه ونسبه :
(لواعج الأشجان ، ص ١١٦ ط ٤ ؛ ومثير الأحزان للجواهري ، ص ٦٤)
ثم وثب الحسين عليهالسلام متوكئا على قائم سيفه ، ونادى بأعلى صوته : أنشدكم الله هل تعلمون أن جدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن أمي فاطمة بنت محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب عليهالسلام؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد ، أول نساء هذه الأمة إسلاما؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن سيّد الشهداء حمزة عم أبي؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن جعفرا الطيار في الجنة عمي؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن هذا سيف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنا متقلده؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنا لابسها؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن عليا كان أول القوم إسلاما وأعلمهم علما وأعظمهم حلما ، وأنه ولي كل مؤمن ومؤمنة؟. قالوا : الله م نعم .. قال : فبم تستحلّون دمي؟ وأبي الذائد عن الحوض ، يذود عنه رجالا كما
__________________
(١) من الغريب أن أبا مخنف في مقتله ذكر أن العباس عليهالسلام استشهد هنا وهو يستسقي ، ولم يرجع بالماء إلى الحسين عليهالسلام. وقد انفرد بهذه الرواية ، وسنذكرها في مصرع العباس عليهالسلام فيما بعد.