يذاد البعير الصاد عن الماء ، ولواء الحمد في يد أبي يوم القيامة!. قالوا : قد علمنا ذلك كله ، ونحن غير تاركيك حتّى تذوق الموت عطشا.
المفاوضات
قال الشيخ المفيد : لما رأى الحسين عليهالسلام نزول العساكر مع عمر بن سعد بنينوى ومددهم لقتله ، أنفذ إلى عمر بن سعد أنني أريد أن ألقاك. فاجتمعا ليلا ، وتناجيا طويلا.
٧٦٠ ـ مكالمة الحسين عليهالسلام لعمر بن سعد ونصيحته ، وأعذار ابن سعد :
(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٥)
وأرسل الحسين عليهالسلام إلى ابن سعد مع عمرو بن قرظة الأنصاري ، أني أريد أن أكلّمك الليلة ، فالقني الليلة بين عسكري وعسكرك. فخرج إليه عمر بن سعد في عشرين فارسا ، والحسين عليهالسلام في مثل ذلك. ولما التقيا أمر الحسين عليهالسلام أصحابه فتنحّوا عنه ، وبقي معه أخوه العباس وابنه علي الأكبر عليهالسلام. وأمر ابن سعد أصحابه فتنحّوا عنه ، وبقي معه ابنه حفص وغلام له يقال له : لاحق.
فقال الحسين عليهالسلام لابن سعد : ويحك أما تتّقي الله الّذي إليه معادك؟. أتقاتلني وأنا ابن من علمت!. يا هذا ذر هؤلاء القوم وكن معي فإنه أقرب لك من الله. فقال له عمر : أخاف أن تهدم داري. فقال الحسين عليهالسلام : أنا أبنيها لك. فقال عمر : أخاف أن تؤخذ ضيعتي. فقال عليهالسلام : أنا أخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز (١). ويروى أنهعليهالسلام قال لعمر :
(أعطيك البغيبغة ، وكانت عظيمة فيها نخل وزرع كثير ، دفع معاوية فيها ألف ألف دينار فلم يبعها له (٢)). فقال عمر : لي عيال أخاف عليهم. فقال : أنا أضمن سلامتهم. ثم سكت فلم يجبه عن ذلك. فانصرف عنه الحسين عليهالسلام وهو يقول : ما لك ذبحك الله على فراشك سريعا عاجلا ، ولا غفر لك يوم حشرك ونشرك. فوالله إني لأرجو أن لا تأكل من برّ العراق إلا يسيرا. فقال له عمر مستهزئا : يا أبا عبد الله في الشعير عوض عن البرّ. ثم رجع عمر إلى معسكره.
__________________
(١) مقتل المقرم ص ٢٤٨ عن مقتل العوالم ص ٧٨.
(٢) مقتل المقرم ص ٢٤٨ عن تظلم الزهراء ص ١٠٣.