(أقول) : وقد صدق دعاء الحسين عليهالسلام على عمر بن سعد ، فقد مات مذبوحا على فراشه (راجع ترجمته في الجزء الثاني من الموسوعة).
٧٦١ ـ حبّ الدنيا رأس كل خطيئة :
(بقلم المؤلف)
المقصود بالدنيا ما تشتمل عليه من متع عابرة وشهوات حيوانية ولذائذ آنيّة ، وما تنطوي عليه من تهالك وتحاسد وتباغض.
وهذه الرغبات المادية قد أباحها الشارع وأعطانا الحق في ممارستها ، ولكن في حدود معتدلة ومعقولة ، بحيث لا تؤدي إلى الحرص والطمع والانحراف والتهافت.
ورغم هذا كله ، نجد كثيرا من الناس تطغيهم نفسيتهم الأمارة بالسوء ، فيختارون الضلال على الهدى ، ويفضّلون الباطل على الحق ، وينحرفون منجرفين بتيار الهوى والشذوذ ؛ وذلك رغم وضوح الدلائل لديهم ، وقيام الحجة عليهم ، فيكون وبالهم كبيرا ، وعقاب أعمالهم شديدا.
من هؤلاء البغاة المنحرفين [عمر بن سعد بن أبي وقّاص] الّذي لم يرع للحسينعليهالسلام قرابة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يحفظ له منزلة ولا قدرا ، وجاء يريد مساومته على الصلح مع يزيد ، الفاسق الفاجر ، كيما تنطفئ شعلة الثورة على الجور والطغيان ، وينعم هو في ظل يزيد بولاية الرّي وجرجان ، فيشبع دوافع نفسه الشريرة في التكالب على المال والأملاك والإمارة والسلطان.
لقد بات عمر بن سعد في صراع كبير بين الباطل والحق ، بين الاستجابة للدنيا أو الاستجابة للآخرة ، بين قتل الحسين عليهالسلام أو ترك ولاية الري وجرجان. لقد بات في صراع مرير بين نفسه الأمّارة بالسوء وبين نفسه اللوّامة ، ولسان حاله يقول :
دعاني عبيد الله من دون قومه |
|
إلى خطةّ ، فيها خرجت لحيّني |
فوالله ما أدري وإني لحائر |
|
أفكّر في أمري على خطرين |
أأترك ملك الرّي والريّ منيتي |
|
أم ارجع مأثوما بقتل حسين |
حسين ابن عمّي والحوادث جمّة |
|
لعمري ولي في الريّ قرّة عين |
يقولون : إن الله خالق جنّة |
|
ونار وتعذيب وغلّ يدين |
فإن صدقوا فيما يقولون إنني |
|
أتوب إلى الرحمن من سنتين |
وإن كذبوا فزنا بدنيا عظيمة |
|
وملك عقيم دائم الحجلين |