تشرب منه كلاب السواد وخنازيرها ، وهذا الحسين بن علي وإخوته ونساؤه وأهل بيته يموتون عطشا ، وقد حلت بينهم وبين ماء الفرات أن يشربوه ، وتزعم أنك تعرف الله ورسوله!. فأطرق عمر بن سعد ساعة إلى الأرض ، ثم رفع رأسه وقال : والله يا برير إني لأعلم يقينا أن كل من قاتلهم وغصبهم حقهم هو في النار لا محالة (١) ولكن يا برير أفتشير عليّ أن أترك ولاية الرّي فتكون لغيري ، فوالله ما أجد نفسي تجيبني لذلك. ثم قال :
دعاني عبيد الله من دون قومه |
|
إلى خطةّ ، فيها خرجت لحيني |
فوالله ما أدري وإني لحائر |
|
أفكّر في أمري على خطرين |
أأترك ملك الرّي والريّ منيتي |
|
أم ارجع مأثوما بقتل حسين |
وفي قتله النار التي ليس دونها |
|
حجاب ، وملك الرّيّ قرّة عيني |
فرجع برير إلى الحسين عليهالسلام وقال : يابن رسول الله إن ابن سعد قد رضي لقتلك بولاية الري (٢).
ليلة العاشر من المحرم
(يقول السيد عبد الرزاق المقرّم في مقتله ، ص ٢٦٢) :
كانت ليلة عاشوراء أشدّ ليلة مرّت على أهل بيت الرسالة ..
حفّت بالمكاره والمحن وأعقبت الشر وآذنت بالخطر.
وقد قطعت عنهم عصابة الضلال من بني أمية وأتباعهم كلّ الوسائل الحيوية.
وهناك ولولة النساء وصراخ الأطفال من العطش المبرّح والهمّ المدلهم.
٧٩٩ ـ الحسين عليهالسلام ونافع بن هلال يتفقدان التلال حول المخيّم ، واختبار الحسين عليهالسلام لنافع : (الوثائق الرسمية ، ص ١٣٢)
ثم إن الحسين عليهالسلام خرج ليلا وحده ، ليختبر الثنايا والعقبات والأكمات المشرفة على المنزل ، وإذا بنافع بن هلال خلفه. فقال له الحسين عليهالسلام : من
__________________
(١) مرّ شبيه هذا الكلام في نصيحة أنس بن كاهل ، ولم يورد المقرم في مقتله هذا الكلام.
(٢) الرّيّ : المنطقة الجنوبية من طهران اليوم.