والله ما هذه بشارة ، وأنا أسير إلى الحسين عليهالسلام. وما كنت أحدّث نفسي باتّباعك. فقال عليهالسلام : لقد أصبت أجرا وخيرا.
٨٣١ ـ توبة الحر بن يزيد الرياحي (على رواية مقتل أبي مخنف):
(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ٧٤)
وأورد أبو مخنف في المقتل المنسوب إليه توبة الحر بعد بدء القتال ، وبعد أن بدأ الحسين عليهالسلام يستغيث فلا يغاث.
(قال أبو مخنف) : فوقع كلامه عليهالسلام في مسامع الحر ، فأقبل على ابن أخيه قرّة وقال : أتنظر إلى الحسين يستغيث فلا يغاث ، ويستجير فلا يجار ، قد قتلت أنصاره وبنوه ، وقد أصبح بين مجادل ومخاذل ، فهل لك أن تسير بنا إليه ، وتقاتل بين يديه ، فإنّ الناس عن هذه الدنيا راحلة ، وكرامات الدنيا زائلة ، فلعلنا نفوز بالشهادة ، ونكون من أهل السعادة.
فقال له : ما لي بذلك حاجة. فتركه الحر وأقبل على ولده وقال له : يا بنيّ لا صبر لي على النار ولا على غضب الجبار ، ولا أن يكون غدا خصمي أحمد المختار. يا بنيّ أما ترى الحسين عليهالسلام يستغيث فلا يغاث ويستجير فلا يجار!. يا بنيّ سر بنا إليه نقاتل بين يديه ، فلعلنا نفوز بالشهادة ، ونكون من أهل السعادة. فقال له ولده : حبا وكرامة.
ثم إنهما حملا من عسكر ابن زياد كأنهما يريدان القتال حتّى هجما على الحسينعليهالسلام ، فنزل الحر عن ظهر جواده وطأطأ رأسه ، وجعل يقبّل يد الحسين ورجليه ، وهو يبكي بكاء شديدا. فقال له الحسين عليهالسلام : ارفع رأسك يا شيخ ، فرفع رأسه وقال : يا مولاي أنا الّذي منعتك عن الرجوع. والله يا مولاي ما علمت أن القوم يبلغون منك هذا ، وقد جئتك تائبا مما كان مني ومواسيك بنفسي ، وقليل في حقك يا مولاي أن تكون نفسي لك الفداء. وها أنا ألقى حمامي يا مولاي بين يديك ، فهل من توبة عند ربي؟. فقال له عليهالسلام : إن تبت تاب الله عليك ويغفر لك وهو أرحم الراحمين ... ثم تقدم الحر إلى الحسين عليهالسلام وقال : يا مولاي أريد أن تأذن لي بالبراز إلى الميدان ، فإني أول من خرج إليك وأحب أن أقتل بين يديك. فقال له عليهالسلام : ابرز بارك الله فيك.