أولهم أبو العباس السفاح يسفح الدماء من نحور الأمويين والعلويين على حدّ سواء. ثم جاء ثانيهم أبو جعفر المنصور الدوانيقي ، ينصر أطماعه في الحكم ، ويلا حق العلويين فيبيدهم أينما ثقفوا. وعلى هواه سار كل من جاء بعده ، حتّى فاق بنو العباس في طغيانهم واضطهادهم للعلويين والتنكيل بهم ما فعله بنو أمية. وكما قال الشاعر :
تالله ما فعلت أميّة فيهم |
|
معشار ما فعلت بنو العباس |
١٢ ـ موقف أبي طالب عليهالسلام :
وأما أبو طالب الّذي كان شقيق عبد الله والد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد كان طالبا للشرف والعلاء ، دون المال والشهوات. فهو رغم فقره وقلة ذات يده ، أصبح شيخ البطحاء وسيد قريش. وقد كان مثل أبيه عبد المطلب على دين إبراهيم عليهالسلام. فأوكل الله إليه كفالة النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم بعد وفاة عبد المطلب. ولإيمانه بنبوة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم كفله وحماه وجعله كواحد من أبنائه ، بل كان يفضّله عليهم. وحين قاطع المشركون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ألجأ أبو طالب محمداصلىاللهعليهوآلهوسلم إلى شعبه ثلاث سنين ، خوفا عليه وحماية لدعوته. وقد كانت الظروف تفرض على أبي طالب أن يلعب دور «التقيّة «تجاه قريش ، ريثما تقف الدعوة على أقدامها. وإن البيب يدرك أن أعمال الإنسان هي التي تنبئ عن حقيقة إيمانه وعقيدته ، في حين لا قيمة للتشهد بالشهادتين إذا كان لا ينبع من القلب ، بل يصدر من اللسان والسيف على العنق.
ومن أعظم الدلائل على إيمان هذا الرجل العظيم ، الّذي كان محور نجاح الدعوة ، والذي لعب أكبر دور في فوزها وازدهارها ، أنه لم يمنع أحدا من أولاده عن متابعة النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم في دعوته ، بل إنه كان يحضّهم على الصلاة خلفه ، والمحافظة عليه من بعده. كما سمح لزوجته بالإسلام ، فكانت فاطمة بنت أسد من أوائل المسلمات.
روى ابن الأثير أن أبا طالب عليهالسلام رأى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يصلي ، وعليّ عليهالسلام عن يمينه ، ولم تكن الصلاة مشروعة على الناس في ذلك الوقت ، فقال لابنه جعفر : «صل جناح ابن عمك». أي صلّ عن يسار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما صلى أخوك عن يمينه ، فتصيرا له مثل الجناحين. ولما انصرفوا أنشأ أبو طالب يقول :