واثنى عليه وصلّى على نبيه ، وذكر عليّ بن أبي طالب فتنقصه.
ثم قال : أيها النّاس! إنّ صبية من قريش ، ذوي سفه وطيش ، وتكدر من عيش ، أتعبتهم المقادير ، فاتخذ الشيطان رءوسهم مقاعد وألسنتهم مبارد ، فباض وفرخ في صدورهم ، ودرج في نحورهم ، فركب بهم الزلل ، وزين لهم الخطل ، وأعمى عليهم السبل ، وأرشدهم الى البغي والعدوان ، والزور والبهتان ، فهم له شركاء وهو لهم قرين (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً) النساء / ٣٨ ، وكفى لهم مؤدبا ، والمستعان الله.
فوثب الحسن بن عليّ وأخذ بعضادتي المنبر ، فحمد الله وصلّى على نبيه ، ثمّ قال : «أيها النّاس! من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، أنا ابن نبي الله ، أنا ابن من جعلت له الأرض مسجدا وطهورا ، أنا ابن السراج المنير ، أنا ابن البشير النذير ، أنا ابن خاتم النبيين ، وسيد المرسلين ، وإمام المتقين ، ورسول ربّ العالمين ، أنا ابن من بعث إلى الجن والإنس ، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين».
فلما سمع كلامه معاوية غاظه منطقه ، وأراد أن يقطع عليه ، فقال : يا حسن! عليك بصفة الرطب ، فقال الحسن : «الريح تلقحه ، والحرّ ينضجه ، والليل يبرده ويطيبه ، على رغم أنفك يا معاوية»!
ثمّ أقبل على كلامه ، فقال : «أنا ابن المستجاب للدّعوة ، انا ابن الشفيع المطاع ، أنا ابن أوّل من ينفض رأسه من التراب ، ويقرع باب الجنّة ، أنا ابن من قاتلت الملائكة معه ولم تقاتل مع نبيّ قبله ، أنا ابن من نصر على الأحزاب ، أنا ابن من ذلّ له قريش رغما».
فقال معاوية : أما إنّك تحدّث نفسك بالخلافة ولست هناك.
فقال الحسن : «أمّا الخلافة فلمن عمل بكتاب الله وسنّة نبيه ، ليست