وقصدت أن احلي هذا المصنف المشنّف بما لا يرده جمع الإجماع ، وأردت أن يرتفع مستطير الشعاع ، مكشوف القناع ، ولم المظه ما يرويه الغلاة ، ولم احبّره بما يستلذه الغواة ، وختمت مجموعي هذا بقصة المختار ، الذي شفى صدور الأبرار ، من تلك الأوتار ، وبمقتل عبيد الله بن زياد الأبتر ، بصمصام إبراهيم بن الأشتر ، لا طفئ من قلوب أهل الإسلام نائرة أرثتها عصابة لا تنطفي في الآجلة نارها ، واسترحض عار باغية لا يرحض في العاجلة عارها ، حين استهانوا برد المعقول ، وعصوا دواعي العقول ، وباءوا من الله بالغضب والمقت ، واستحقوا منه ما استحق أصحاب السبت ، وإن استمرت في خلال ذلك للأشقياء جولة على السعداء ، واستفحلت للبغاة وطأة على الشهداء ، ليكرم الله تعالى منقلب ذريه الرسول ومآبهم. ويجزل لهم بالشهادة ثوابهم ، ثمّ إنّ الله تعالى أرسل على عبيد الله بن زياد ، صاعقة ابراهيم بن الأشتر الكمي ابن الكمي ، والسري ابن السري ، فأزهق نفسه ، وكوّر شمسه ؛ فاذاقه شطر وبال ما احتطب ، وجزاء ما اكتسب ، وجعل الذي بجبينه معصوبا ، والسيف على رأسه مصبوبا ، وسلّ عليه وعلى من انحاز إليه ؛ من تلك الفرقة اللعينة ، وضامه من تلك الجثث الخبيثة ، سيفا دامي الغرار ، يحكم على رقاب هؤلاء الأغرار ، ومد يده الطويلة الباع الى اجتياحهم ، وأشرع رمحا مسبوكا من ريقة الرقشاء الى انتهاكهم ، وطهر أديم الأرض من أدناس هؤلاء العارمين الالمين ، وتركهم في مصابهم جاثمين ، (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) الأنعام / ٤٥.