أبيها! ما فعلت الوديعة التي استودعتك؟ قالت : عندي ، يا جارية! هاتي سفط كذا ، فجاءت به ففتحته وإذا هو مملوء لئالئ ، وجوهر يتلألأ ، فبكى ابن عامر.
فقال الحسين : ما يبكيك؟ فقال : يا ابن رسول الله! أتلومني على أن أبكي على مثلها في ورعها وكمالها ووفائها؟ قال : «يا ابن عامر! نعم المحلل كنت لكما ، هي طلاق» ، فحجّ فلمّا رجع تزوج بها.
٢٢ ـ قلت : وأورد هذه الحكاية أبو العلاء الحافظ ، وساقها عن الحسن ابن عليّ ، على ما أخبرني ـ إجازة ـ ، قال : أخبرني عبد القادر بن محمّد اليوسفي ، أخبرني الحسن بن عليّ الجوهري ، أخبرني محمّد بن العباس ، أخبرني أحمد بن معروف الخشاب ، أخبرني حسين بن محمّد ، أخبرني محمد ابن سعد ، أخبرني عليّ بن محمّد ، عن الهذلي ، عن ابن سيرين ، قال : كانت هند بنت سهيل بن عمرو عند عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ، وكان أبا عذرتها ، ثم طلقها فتزوجها عبد الله بن عامر بن كريز ، ثم طلقها فكتب معاوية إلى أبي هريرة أن يخطبها ليزيد بن معاوية ، فلقيه الحسن بن علي ، فقال : «أين تريد»؟ قال : أخطب هند بنت سهيل ليزيد بن معاوية ، قال : «فاذكرني لها» ، فأتاها أبو هريرة فأخبرها الخبر ، فقالت : اختر لي ، قال : أختار لك الحسن فتزوجها.
قال : فقدم عبد الله بن عامر المدينة ، فقال للحسن : إنّ لي عندها وديعة ، فدخل إليها والحسن معه ، وجلست بين يديه فرقّ ابن عامر ، فقال الحسن : «ألا أنزل لك عنها ، فلا أراك تجد محللا خيرا لكما مني»؟ فقال : وديعتي ، فأخرجت سفطين فيهما جوهر ففتحهما وأخذ من كل واحدة قبضة وترك الباقي.