٣٠ ـ وذكر السيد أبو طالب ، بإسنادي إليه ، عن محمد بن محمد بن العبا ، عن علي بن شاكر ، عن عبد الله بن محمد الضبي ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن إبراهيم ، عن أبي رافع قال : كنت ألاعب الحسين عليهالسلام وهو صبي بالمداحي (١) ، فإذا أصابت مدحاتي مدحاته ، قلت : احملني ، قال لي : «ويحك ، أتركب ظهرا حمله رسول الله» فأتركه ، وإذا أصابت مدحاته مدحاتي ، قلت : لا أحملك كما لا تحملني.
قال : «أما ترضى أن تحمل بدنا حمله رسول الله»؟ قال : فأحمله.
٣١ ـ وروي : أنّ الحسين بن عليّ عليهماالسلام حجّ خمسا وعشرين حجة ماشيا ، وكان يجالس المساكين ، ويقرأ : «إن الله لا يحبّ المتكبرين» ومرّ على صبيان معهم كسرة ، فسألوه أن يأكل معهم فأكل ، ثمّ حملهم إلى منزله فأطعمهم وكساهم ، وقال : «إنهم أسخى مني ، لأنهم بذلوا جميع ما قدروا عليه ، وأنا بذلت بعض ما أقدر عليه».
٣٢ ـ وروي : أنّ أعرابيا من البادية قصد الحسين عليهالسلام فسلم عليه ، فرد عليهالسلام ، وقال : «يا أعرابي! فيم قصدتنا»؟ قال : قصدتك في دية مسلمة إلى أهلها ، قال : «أقصدت أحدا قبلي»؟ قال : عتبة بن أبي سفيان ، فأعطاني خمسين دينارا فرددتها عليه ، وقلت : لأقصدنّ من هو خير منك ، وأكرم. فقال عتبة : ومن هو خير مني وأكرم لا أمّ لك؟ فقلت : إما الحسين بن علي وإما عبد الله بن جعفر ، وقد أتيتك بدءا لتقيم بها عمود ظهري ، وتردّني إلى أهلي.
فقال الحسين : «والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ، وتجلّى بالعظمة ، ما في ملك بن بنت نبيك إلّا مأتا دينار فأعطه إياها يا غلام! وإني أسألك عن
__________________
(١) المدحاة : خزفة يلعب بها الصبيان.