١٢ ـ وقال شرحبيل بن أبي عون : إن الملك الذي جاء إلى النبي صلىاللهعليهوآله إنما كان ـ ملك البحار ـ ، وذلك أنّ ملكا من ملائكة الفراديس نزل إلى البحر ، ثم نشر أجنحته عليه ، وصاح صيحة قال فيها : يا أهل البحار! البسوا ثياب الحزن ، فإن فرخ محمد مقتول مذبوح ، ثمّ جاء إلى النبي فقال : يا حبيب الله! تقتتل على هذه الأرض فرقتان من امتك : احداهما ظالمة متعدية فاسقة تقتل فرخك الحسين ابن ابنتك بأرض ـ كرب وبلاء ـ ، وهذه التربة عندك ، وناوله قبضة من أرض «كربلاء» ، وقال له : تكون هذه التربة عندك حتى ترى علامة ذلك ، ثم حمل ذلك الملك من تربة الحسين في بعض أجنحته ، فلم يبق ملك في سماء الدنيا إلا شمّ تلك التربة ، وصار لها عنده أثر وخبر.
قال : ثم أخذ النبي تلك القبضة التي أتاه بها الملك ، فجعل يشمها ويبكي ، ويقول في بكائه : «اللهمّ! لا تبارك في قاتل ولدي ، وأصله نار جهنم» ثم دفع تلك القبضة إلى أمّ سلمة وأخبرها بقتل الحسين ـ بشاطئ الفرات ـ ، وقال : «يا أمّ سلمة! خذي هذه التربة إليك ، فإنها إذا تغيرت وتحوّلت دما عبيطا ، فعند ذلك يقتل ولدي الحسين».
فلما أتى على الحسين من ولادته سنة كاملة ، هبط على رسول الله اثنا عشر ملكا : أحدهم على صورة الأسد ، والثاني : على صورة الثور ، والثالث : على صورة التنين ، والرابع : على صورة ولد آدم ، والثمانية الباقون : على صور شتى ، محمرة وجوههم ، قد نشروا أجنحتهم ، وهم يقولون : يا محمد! سينزل بولدك الحسين ما نزل بهابيل من قابيل ، وسيعطى مثل أجر هابيل ، ويحمل على قاتله مثل وزر قابيل.
قال : ولم يبق في السماء ملك إلا ونزل على النبي يعزيه بالحسين ، ويخبره : بثواب ما يعطى ، ويعرض عليه تربته ، والنبي يقول : «اللهمّ!