من الشهادة.
قال : ثمّ رجع النبيّ من سفره ذلك مغموما ، فصعد المنبر فخطب ووعظ والحسين بين يديه مع الحسن ، فلمّا فرغ من خطبته ، وضع يده اليمنى على رأس الحسين ورفع رأسه إلى السماء وقال : «اللهمّ إني محمّد عبدك ونبيك ، وهذان أطائب عترتي ، وخيار ذريتي وارومتي ، ومن أخلفهما في امتي ، اللهم! وقد أخبرني جبرئيل : بأنّ ولدي هذا مقتول مخذول ، اللهم! فبارك لي في قتله ، واجعله من سادات الشهداء ، إنّك على كل شيء قدير ، اللهم! ولا تبارك في قاتله وخاذله».
قال : فضجّ النّاس في المسجد بالبكاء ، فقال النبيّ : «أتبكون ولا تنصرونه؟ اللهمّ! فكن له أنت وليا وناصرا».
١٤ ـ وقال ابن عبّاس : خرج النبيّ صلىاللهعليهوآله قبل موته بأيام يسيرة إلى سفر له ، ثمّ رجع وهو متغير اللون ، محمّر الوجه ، فخطب خطبة بليغة موجزة ، وعيناه تهملان دموعا ، قال فيها : «أيّها النّاس! إني خلفت فيكم الثقلين : كتاب الله ؛ وعترتي ؛ وارومتي ؛ ومزاج مائي ؛ وثمرتي ؛ ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ألا وإني أنتظرهما ، ألا وإني أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم به المودّة في القربى ، فانظروا لا تلقوني على الحوض وقد أبغضتم عترتي ، وظلمتوهم.
ألا وإنه سترد عليّ في القيامة ـ ثلاث رايات ـ من هذه الامة : راية سوداء مظلمة : فتقف عليّ ، فأقول : من أنتم؟ فينسون ذكري ، ويقولون : أهل التوحيد من العرب ، فأقول : أنا أحمد نبيّ العرب والعجم ، فيقولون : نحن من امتك يا أحمد! فأقول لهم : كيف خلفتموني من بعدي في أهلي وعترتي وكتاب ربي؟ فيقولون : أما الكتاب ـ فضيعناه ومزّقناه ؛ وأما